قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أحمد بن حفص بن عبد الله السلمي حدثني أبي حدثني إبراهيم -يعني ابن طهمان - عن مطر عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما: (أن أخت عقبة بن عامر رضي الله عنها نذرت أن تحج ماشية، وأنها لا تطيق ذلك، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: إن الله لغني عن مشي أختك، فلتركب ولتهد بدنة).
أورد أبو داود حديث ابن عباس في قصة نذر أخت عقبة بن عامر الجهني أن تحج ماشية، وقد مر جملة من الأحاديث في هذا الموضوع عن عقبة وعن ابن عباس، وذكر أبو داود بعض الطرق لهذا الحديث، وقد فصل بين أحاديثها بهذه الثلاثة الأحاديث التي مرت: الحديث الذي فيه أبو إسرائيل، والحديث الذي فيه الرجل الذي يهادى بين رجلين، والحديث الأخير الذي فيه أنه رأى إنساناً يقوده آخر بخزامة، وكان المناسب أن تكون الأحاديث المتعلقة بأخت عقبة متصلة ببعضها، هذا هو المناسب في الترتيب، ولكنها تأخرت، فلا أدري ما وجه التأخير، وهل ذلك من أبي داود أو من غيره؟ الله أعلم.
قوله: [عن ابن عباس: (أن أخت عقبة بن عامر نذرت أن تحج ماشية وأنها لا تطيق ذلك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله لغني عن مشي أختك، فلتركب ولتهد بدنة)].
فكونها تحج ماشية لا بأس بذلك إذا كانت تستطيع؛ لأن الله عز وجل ذكر أن الناس يأتون إلى الحج مشاة وركباناً، فمن نذر أن يحج ماشياً وأمن لحوق المضرة فعليه أن يوفي بالنذر، لكن حيث لا يكون الأمر كذلك كما في هذا الحديث فقد كانت غير مطيقة فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله غني عن مشي أختك مرها فلتركب ولتهد بدنة) أي: تترك ذلك الذي نذرته وتركب وتهدي بدنة, والبدنة شيء كبير، فلا أدري ما وجه كونها تهدي بدنة، وأما فيما يتعلق بالنذر فكفارته كفارة يمين كما تقدم، وأما فيما يتعلق بالبدنة فمعلوم أن الذي يجب في الهدي هو أقل شيء وهو الشاة كما جاء في تفسير ما استيسر من الهدي، وقد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه شاة، وأما كونها تهدي بدنة فقال بعض أهل العلم: إن هذا على سبيل الاستحباب، لا على سبيل الإيجاب.