قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن حميد الطويل عن ثابت البناني عن أنس بن مالك رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يهادى بين ابنيه، فسأل عنه، فقالوا: نذر أن يمشي، فقال: إن الله لغني عن تعذيب هذا نفسه، وأمره أن يركب)].
أورد أبو داود حديث أنس رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يهادى بين ابنيه) أي: لا يستطيع المشي بمفرده، وإنما يلزمه ابناه واحد عن يمينه، وواحد عن شماله، وكان ذلك في الحج، حيث إنه نذر أن يحج ماشياً وهو بهذه الهيئة لا يستطيع أن يمشي وحده، فكان أولاده يسندونه واحد من اليمين، وواحد من الشمال، فسأل عنه النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: إنه نذر أن يمشي، فقال: (إن الله غني عن تعذيب هذا نفسه، وأمره أن يركب).
فقد كان يمشي في المشاعر بهذه الهيئة حيث كان يهادى بين ابنيه، فقالوا: إنه نذر، فقال صلى الله عليه وسلم: (إن الله غني عن تعذيب هذا نفسه، وأمره أن يركب)، ومعلوم أن الحج عبادة، والإنسان إذا كان مطيقاً ونذر أن يحج، وأن يمشي على رجليه، وكان يستطيع أن يمشي فلا بأس بذلك، فيذهب من مكة إلى منى، ومن منى إلى عرفة، ويرجع من عرفة إلى مزدلفة، ومن مزدلفة إلى منى, ومن منى إلى مكة؛ فإن الله عز وجل ذكر المشاة وذكر الركبان فقال: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} [الحج:27]، (رجالاً) أي: مشاة، فالذي يستطيع ذلك له أن يفعله، ولكن إذا كان سيلحقه مضرة، فليس له ذلك، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها، ولا يجلب الإنسان الضرر إلى نفسه.
وفي الحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمره أن يركب، وليس فيه شيء يتعلق بالكفارة، وقد تقدم أن ذكرنا أنه قد جاءت الأحاديث بثبوت الكفارة ولزومها.