قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسدد حدثنا يحيى بن سعيد القطان أخبرني يحيى بن سعيد الأنصاري أخبرني عبيد الله بن زحر أن أبا سعيد أخبره أن عبد الله بن مالك أخبره أن عقبة بن عامر رضي الله عنه أخبره (أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن أخت له نذرت أن تحج حافية غير مختمرة، فقال: مروها فلتختمر، ولتركب، ولتصم ثلاثة أيام)].
أورد أبو داود حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه: (أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن أخت له نذرت أن تحج حافية غير مختمرة، فقال: مروها فلتختمر ولتركب ولتصم ثلاثة أيام)، أي: أن هذا النذر الذي هو عدم الاختمار نذر معصية، وكذلك نذرها أن تحج حافية ليس عليها نعال؛ لأن في ذلك مضرة ومشقة عليها.
وجاء في بعض الروايات: أنها كانت عاجزة، أو غير قادرة، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: (مروها فلتركب ولتختمر)، لأن عدم الركوب يعود عليها بالمضرة، وكونها نذرت ألا تختمر هذا نذر معصية.
وقوله: (ولتصم ثلاثة أيام) قيل: إن المقصود من هذا أنه كفارة يمين، وهذا مبني على أنها غير قادرة؛ لأن الصيام ثلاثة أيام إنما يكون عند العجز عن الرقبة أو عن إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم.
ومن أهل العلم من قال: إنها فدية، وإنه شيء يتعلق بالهدي؛ لأنه جاء في بعض الروايات أنها تذبح هدياً، فقالوا: إن هذه الثلاثة الأيام بدل من الهدي.
وقد ضعف الشيخ الألباني الحديث لأجل هذه الزيادة التي فيها الأمر بصيام ثلاثة أيام، وقال: إن هذه جاءت من طريق عبيد الله بن زحر، وهو متكلم فيه.
لكن إن صح فهو محمول على أنها غير قادرة على الإطعام، ومن أهل العلم من قال -كما جاء في بعض الروايات الصحيحة التي ستأتي-: إنه أمرها أن تهدي، فيكون الصيام بدلاً عن الهدي، والهدي فدية عن تركها المشي الذي نذرته، ولا أدري ما وجهه؛ لأن النذر جاء أن كفارته كفارة يمين، وأما كونها فدية فقد ذكر بعض أهل العلم أنه على سبيل الاستحباب، وليس على سبيل الإلزام.
وأما الكفارة فتلزمها ما دام أنها خالفت نذرها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا نذر في معصية الله، وكفارته كفارة يمين).