إن قيل: إذا كان النذر مكروهاً فما توجيه الآية التي أثنى الله عز وجل فيها على من يوفون بالنذر؟ ف
صلى الله عليه وسلم أن توجيه الآية أنه إذا وجد النذر فإنه يوفى به, ولكن الإنسان ابتداءً لا يلزم نفسه بتعليق أمر على شيء، وإنما يتقرب إلى الله عز وجل بالعمل الصالح ابتداءً دون أن يعلقه بأمر قد لا ترتاح نفسه إلى تنفيذ تلك العبادة والقربة عندما يحصل له الشيء الذي علق نذره عليه، فالإنسان لا ينبغي له أن ينذر, والله تعالى لم يقل: انذروا, أو احرصوا على النذر, وإنما قال: (وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [البقرة:195]، لكن من نذر فيلزمه أن يوفي.
وأما ما ذكره الخطابي من أن النذر لا يكون إلا إذا كان معلقاً، أما إذا قال: لله علي أن أتصدق بألف درهم, فليس هذا بنذر.
فالذي يبدو أن هذا الكلام غير واضح؛ لأن النذر هو إلزام الإنسان نفسه, والإنسان قد يلزم نفسه دون أن يعلق على شيء, لكن الغالب أن النذر إنما يكون بالتعليق بشيء, وهذا هو الذي من أجله جاء التعليل بقوله: (إن النذر لا يرد شيئاً) , أي: لا يرد شيئاً قضاه الله وقدره, فلو قال: لله علي أن أحج، أو لله علي أن أصوم شهراً، ولم يقل: إن شفى الله مريضي فإنه يلزمه الوفاء؛ لأن هذا نذر.