ذكر الرجل في الترجمة في قول المصنف: (باب الرجل يكفر قبل أن يحنث) هذا على اعتبار الغالب، فإن الغالب أن الخطاب يكون للرجال, وليس المقصود من ذلك أن هذا حكم يختص به الرجل, بل المرأة كذلك تكفر قبل أن تحنث إذا رأت ترك اليمين خيراً.
فذكر الرجال سواء كان في كلام العلماء في التراجم كما هو هنا, أو في غير ذلك في الأمور التي ليس فيها دليل على اختصاص الرجل بها عن النساء فالحكم للرجال والنساء جميعاً, وكذلك يأتي في الأحاديث ذكر أحكام مضافة إلى الرجال وليس المقصود اختصاص الرجال بتلك الأحكام, بل النساء كذلك.
والأصل: هو أنه لا فرق بين الرجال والنساء في الأحكام إلا إذا وجد تمييز بين الرجال والنساء في الأحكام بأن قيل: هذا الحكم للرجال, وهذا الحكم للنساء، مثل قوله صلى الله عليه وسلم: (التسبيح للرجال والتصفيق للنساء) أي: في الصلاة, ومثل قوله: (يغسل من بول الجارية وينضح من بول الغلام) وغير ذلك, هذا إذا جاء شيء يميز الرجال على النساء, أو النساء على الرجال, فالمعتبر الأدلة, والأصل هو عدم التفريق حتى يوجد دليل, ولهذا يأتي ذكر الرجل في الأحاديث وليست خاصة به، كقوله عليه الصلاة والسلام: (لا تتقدموا رمضان بصوم يوم أو يومين إلا رجل كان يصوم صوماً فليصمه) فكلمة (رجل) هذه لا مفهوم لها، فلا تخرج منها المرأة, بل المرأة مثل الرجل في ذلك، فإذا كانت معتادة أن تصوم يوم الإثنين ووافق يوم الثلاثين من شعبان فلها أن تصوم, فليس الحكم خاصاً بالرجال دون النساء.
وكذلك مثل قوله عليه الصلاة والسلام: (من وجد متاعه عند رجل قد أفلس فهو أحق به)، وكذلك لو وجد متاعه عند امرأة قد أفلست فهو أحق به من الغرماء.
والحاصل: أن ذكر الرجال في كلام العلماء وكذلك في بعض الأحاديث إنما هو لأن الخطاب في الغالب مع للرجال, لا لأن هذا حكم يخص الرجال دون النساء.
وأما ما ذكره الخطابي عن الشافعي أنه قال: وإن كفر بالصوم قبل الحنث لم يجزه, وإن كفر بالطعام أجزأه, واحتج أصحابه في ذلك بأن الصيام مرتب على الإطعام فلا يجوز إلا مع عدم الأصل، كالتيمم لما كان مرتباً على الماء لم يجز إلا مع عدم الماء.
فهذا إذا كان الإنسان لا يقدر على الإطعام، ولا يقدر على العتق, ولا يقدر على الكسوة، فله أن يتحول إلى الصيام، فلا فرق بين هذا وهذا, فلا يجوز للإنسان أن يكفر بالصيام إذا كان يستطيع التكفير بغيره.