قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الرجل يكفر قبل أن يحنث.
حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد حدثنا غيلان بن جرير عن أبي بردة عن أبيه رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (إني والله إن شاء الله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيراً منها إلا كفرت عن يميني وأتيت الذي هو خير.
أو قال: إلا أتيت الذي هو خير وكفرت يميني)].
قوله: [باب في الرجل يكفر قبل أن يحنث] , أي: عندما يحلف على يمين, ويرى أن الخير في ترك اليمين والتكفير, فهل يكفر قبل أن يحصل الحنث الذي هو فعل الشيء الذي حلف ألا يفعله, أم أنه لا يكفر إلا بعد الحنث؟
و صلى الله عليه وسلم أنه يجوز للإنسان أن يكفر قبل الحنث وبعده, فإذا كانت المصلحة في غير ما حلف عليه, فإنه يكفر عن يمينه ويأتي الذي هو خير, أو يأتي الذي هو خير ويكفر عن يمينه, فكل ذلك سائغ.
ومن أهل العلم من قال: إنه لا يكفر قبل الحنث؛ لأنه لا تجب الكفارة إلا بالحنث, فإذا وجد الحنث لزمت الكفارة, وقبل الحنث فالكفارة غير لازمة, لكن جاء في بعض الأحاديث تقديم الكفارة وفي بعضها تقديم الحنث, وذلك يدل على جواز التقديم والتأخير بين الحنث والكفارة, فالحانث له أن يكفر قبل أن يحنث, وله أن يحنث قبل أن يكفر.
وقد أورد أبو داود حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (والله إن شاء الله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيراً منها إلا كفرت عن يميني وأتيت الذي هو خير).
وهذا فيه الإتيان بالكفارة أولاً، والحنث ثانياً.
وقوله: (أو قال: إلا أتيت الذي هو خير وكفرت عن يميني)، هذا شك من الراوي، لكن جاء في بعض الأحاديث ما يدل على تقديم الحنث على الكفارة, وجاء في بعضها ما يدل على تقديم الكفارة ثم الحنث, وذلك في العطف بثم، وهذا يدل على أن الكفارة يجوز أن تقدم على الحنث وأنه ليس الأمر كما قال بعض أهل العلم: إنه لا تقدم الكفارة على الحنث؛ لأنها لا تجب, فكون الإنسان يقدم الكفارة ثم يحنث لا بأس بذلك.