قال المصنف رحمه الله تعالى [باب في القسم هل يكون يميناً.
حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا سفيان عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس رضي الله عنهما (أن أبا بكر رضي الله عنه أقسم على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: لا تقسم)].
قوله: [باب في القسم] أي: في لفظ القسم [هل يكون يميناً] أي: بدون أن يكون معها (بالله)؛ لأنه لو قال: بالله أو أقسمت بالله فهو يمين سواء قال قبلها: أقسمت أو لم يقل، فلو قال: بالله ما حصل كذا وكذا، أو أقسمت بالله ما حصل كذا وكذا، أو أقسمت بالله لأفعلن كذا وكذا، أو بالله لأفعلن كذا وكذا، فهذا هو يمين ما دام أن كلمة (بالله) التي هي القسم موجودة، لكن الكلام على أقسمت بدون (بالله)، كأن يقول: أقسمت أن أفعل كذا وكذا، أو أقسمت أن تفعل كذا وكذا، فهل تكون يميناً أو لا تكون يميناً؟ من أهل العلم من قال: إنها تكون يميناً، ومنهم من قال: لا تكون يميناً؛ لأنه لم يحصل الإقسام بالله عز وجل فلا تكون قسماً.
وقد أورد أبو داود حديث ابن عباس: (أن أبا بكر أقسم على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: لا تقسم) وهذا في قصة الرؤيا التي رآها رجل فأتى بها وعرضها على النبي صلى الله عليه وسلم في مجلس فيه أبو بكر، فطلب أبو بكر رضي الله عنه من النبي صلى الله عليه وسلم أن يأذن له أن يعبرها، فأذن له فعبرها، فقال: (أصبت بعضاً وأخطأت بعضاً.
فقال: أقسمت لتخبرنني بما أخطأت، فقال: لا تقسم) فهو لم يقل: أقسمت بالله، وإنما قال: أقسمت، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تقسم)، فمن أهل العلم من قال: إنها تكون قسماً بالنية.
ومنهم من قال: إنها لا تكون قسماً.
والذي يظهر: أنها ليست بقسم، وإنما هي مجرد كلمة لا تعد قسماً، ومثلها كلمة (حلفت عليك)، فإنها من جنس أقسمت؛ لأنه لم يأت بعدها: بالله.