قال المصنف يرحمه الله تعالى: [باب الميت يصلى على قبره بعد حين.
حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن عقبة بن عامر رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خرج يوماً فصلى على أهل أحد صلاته على الميت ثم انصرف)].
قوله: [باب الميت يصلى على قبره بعد حين]، المقصود بذلك: أن الميت يصلى على قبره بعد مدة ولو كانت طويلة، وقد قال بعض أهل العلم: إنه يصلى على الميت ولو قد مضى عليه مدة طويلة، وقال آخرون: إنه لا يصلى عليه إلا إذا كان حديث عهد بدفن، ويكون ذلك في حق من فاتته الصلاة ومن لم يصل عليه.
والحديث لا يدل على أن الميت يصلى عليه بعد مدة طويلة؛ لأن هذا -كما جاء في بعض الروايات- خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم، فقد جاء فيها: (كان كالمودع للأحياء والأموات)، أي: أنه فعل ذلك توديعاً للأحياء والأموات في آخر عمره عليه الصلاة والسلام، فلا يستدل به على أنه يجوز الصلاة على أصحاب القبور بعد مدة طويلة، وإنما يدعا لهم في كل وقت وحين، وأما الصلاة عليهم فإنما تكون عند الموت قبل الدفن في المصلى أو المسجد، ومن فاتته الصلاة فإنه يصلي عليه عند القبر، كما سبق حديث: (أنه صلى الله عليه وسلم مر بقبر رطب -أي: حديث عهد بالدفن- وصفوا وراءه، فصلى عليه وكبر أربعاً)، وكذلك في قصة الرجل أو المرأة الذي كان يقمُّ المسجد فمات ودفن في الليل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا آذنتموني؟ ثم قال: دلوني على قبره، فذهب وصلى عليه صلى الله عليه وسلم)، فإذا كان ذلك في وقت قريب من الموت فيصلي عليه من لم يصل، وأما بعد تقادم الزمان، ومرور الأوقات فلا يفعل ذلك، وإنما يدعا للأموات والأحياء، وأما هذا الذي حصل من النبي صلى الله عليه وسلم فهو من خصائصه كما جاء: (أنه كان كالمودع للأحياء والأموات).