قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب كراهية الذبح عند القبر.
حدثنا يحيى بن موسى البلخي حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن ثابت عن أنس رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا عقر في الإسلام)].
قوله: [باب كراهية الذبح عند القبر] الكراهية هنا بمعنى التحريم، فلا يجوز أن يُذبح عند القبور، وأما إذا كان الذبح عند القبور لأصحاب القبور فهذا شرك بالله عز وجل؛ لأن الذبح عبادة، فإذا تقرب به إلى غير الله فإن ذلك شرك، وأما إذا لم يكن الذبح لأصحاب القبور وإنما أريد به الذبح لله عز وجل فلا يجوز، وهو محرم، لكن لا يقال: إنه شرك، إلا أنه ذريعة ووسيلة إلى الشرك؛ لأن من ذبح في ذلك المكان -وإن كان يريد أنه لله- فإن الأمر يئول به إلى أن يكون لغير الله، وذلك بأن يذبح للميت.
فالحاصل: أنه لا يجوز الذبح عند القبور مطلقاً، فإن أريد بذلك التقرب إلى الميت فهو شرك بالله عز وجل، وأما إذا لم يكن كذلك فهو من البدع المحرمة التي لا تسوغ ولا تجوز.
وقد أورد أبو داود حديث أنس رضي الله عنه أنه عليه الصلاة والسلام قال: (لا عقر في الإسلام)، فقد كانوا في الجاهلية يذبحون عند قبر الشخص إذا كان كريماً، ويقولون: كما أحسن إلى الناس في حياته فإنه يكون كذلك بعد وفاته، فيذبحون عنه؛ حتى يكون مطعماً حياً وميتاً.
فمعنى هذا الحديث: (لا عقر في الإسلام) أن هذا الذي كان يُعمل في الجاهلية لا يسوغ ولا يجوز.
[قال عبد الرزاق: كانوا يعقرون عند القبر بقرة أو شاة].
وهذا مثاله.