شرح حديث: (لا تدع قبراً مشرفاً إلا سويته ولا تمثالاً إلا طمسته)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في تسوية القبر.

حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان حدثنا حبيب بن أبي ثابت عن أبي وائل عن أبي هياج الأسدي أنه قال: (بعثني علي رضي الله عنه، قال لي: أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ألا أدع قبراً مشرفاً إلا سويته، ولا تمثالاً إلا طمسته)].

قوله: [باب في تسوية القبر]، المقصود من ذلك ألا يكون عليه بناء، فلا يرفع رفعاً كبيراً بحيث يزاد عليه من غير ترابه، وإنما يكون في مقدار ترابه دون أن يزاد عليه شيء من غيره، وإن زيد عليه شيء خفيف مثل الحصى أو غير ذلك فتوضع عليه حتى لا تأخذه الرياح فيضيع القبر، فيكون وضع هذا الحصى سبباً في بقائه، فذلك سائغ ولا بأس به، وأما أن يزاد عليه شيء من غير القبر بحيث يرفع، أو يبنى عليه فإن ذلك لا يجوز ولا يسوغ.

ثم إن من العلماء من قال: إن القبر يكون مسطحاً، ومنهم من قال: إنه يكون مسنماً، أي: أنه يرتفع شيئاً فشيئاً، بحيث يكون أعلاه ضيقاً وأصله واسعاً، فيتدرج شيئاً فشيئاً.

والأولى هو التسنيم؛ لأنه جاء ما يدل عليه في بعض الآثار التي وصفت قبر النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه كان مسنماً، وأيضاً التسطيح عرضة لأن تمكث فوقه الحيوانات، فيكون ذلك سبباً لتهدمه، بخلاف ما إذا كان مسنماً، فإنه يكون مرتفعاً.

وقد أورد أبو داود حديث علي رضي الله عنه أنه قال لـ أبي الهياج الأسدي: (ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أدع قبراً مشرفاً إلا سويته، ولا تمثالاً إلا طمسته) فقوله: (قبراً مشرفاً إلا سويته) هو المقصود من الترجمة، وهو هدم البناء الذي يكون على القبر؛ لأن رفعه رفعاً زائداً عن ترابه لا يجوز، وإنما يكون في حدود التراب الذي يخرج منه ولا يزاد على ذلك.

قوله: (ولا تمثالاً إلا طمسته)، المراد بذلك الصور، فالمجسمة منها تكسر، والصور التي هي غير مجسمة تطمس، إلا إذا كانت في شيء يمتهن كالفراش ونحوه فإنه لا بأس بذلك، لكن ليس للإنسان أن يشتريها، ولا أن يشتري شيئاً فيه صور، ولكنه إذا ابتلي به ووصل إليه من طريق لم يسع فيها فإنه يستعمله على وجه الامتهان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015