قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الصلاة على الجنازة في المسجد.
حدثنا سعيد بن منصور حدثنا فليح بن سليمان عن صالح بن عجلان ومحمد بن عبد الله بن عباد عن عباد بن عبد الله بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (والله ما صلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على سهيل بن البيضاء إلا في المسجد)].
قوله: [باب الصلاة على الجنازة في المسجد] الأصل أن الصلاة على الجنازة تكون في خارج المسجد، وهكذا كان الأمر في زمنه صلى الله عليه وسلم والغالب على فعله، وقد جاء ما يدل على أنه صلى على بعض الجنائز في المسجد، فدل ذلك على أنه سائغ، ولكن كون الأكثر من فعله صلى الله عليه وسلم أنه يصلي عليها في غير المسجد يدل على أنه هو الأولى، وقد يكون في الصلاة في المسجد مصلحة للميت، وذلك لأن المسجد يكثر فيه المصلون، فيحصل الدعاء والشفاعة من عدد كبير من الناس.
وقد أورد أبو داود رحمه الله حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (والله ما صلى الرسول صلى الله عليه وسلم على ابن البيضاء إلا في المسجد)، وسبب قولها هذا أنها طلبت أن يوتى بجنازة سعد بن أبي وقاص إلى باب حجرتها لتصلي عليه، فكأن بعض الناس تكلم في ذلك، فأجابت بهذا الجواب، واستدلت بهذا الدليل على الصلاة في المسجد، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى على ابن البيضاء في المسجد، وأقسمت على ذلك من أجل بيان تحققها وتأكدها وضبطها للشيء الذي تحدث به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا يدل على جواز الحلف من غير استحلاف؛ من أجل التأكيد، لاسيما وقد حصل تردد من بعض الناس في هذا العمل الذي أرادت عائشة أن تعمله.