قال المصنف رحمه الله تعالى: [بابٌ في كفن المرأة.
حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا يعقوب بن إبراهيم حدثنا أبي عن ابن إسحاق قال حدثني نوح بن حكيم الثقفي، وكان قارئاً للقرآن عن رجلٍ من بني عروة بن مسعود يقال له: داود قد ولَّدته أم حبيبه بنت أبي سفيان رضي الله عنهما زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أن ليلى بنت قانف الثقفية رضي الله عنها قالت: (كنت فيمن غسل أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عند وفاتها، فكان أول ما أعطانا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الحقاء، ثم الدرع، ثم الخمار، ثم الملحفة، ثم أدرجت بعدُ في الثوب الآخر، قالت: ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جالس عند الباب معه كفنها يناولناها ثوباً ثوباً)].
قوله: [بابٌ في كفن المرأة] أي: كيف تكفن؟ وقد مر في الباب السابق ذكر الكفن، وكله يتعلق بالرجال، وهنا ذكر كفن المرأة.
وقد أورد أبو داود رحمه الله حديث ليلى بنت قانف الثقفية رضي الله تعالى عنها، أنها كانت فيمن غسل أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن الأكفان كان مع الرسول صلى الله عليه وسلم، فكان يناولهن إياها واحداً واحداً، فأعطاهن الحقاء، وهو حقوه، أي: الإزار، ثم أعطاهن الدرع، ثم الخمار، ثم الملحفة، والملحفة: هي ما يلتحف ويلتف به، ثم أدرجت في الثوب الآخر، أي: آخر شيء يكون فوق هذه الأشياء، وهو يكون محيطاً بهذه الأشياء التي ذكرت، والدرع: هو القميص، ثم الخمار الذي يكون على الرأس، فيكون مجموع ذلك خمسة أشياء، وقد سبق أن ذكرنا أن الرجل يُكفن في ثلاثة أثواب ليس فيها قميص ولا عمامة.
وهذا الحديث الذي أورده أبو داود ضعيف؛ لأن فيه نوح بن حكيم، وهو مجهول كما قال الحافظ ابن حجر، وقال فيه الذهبي: إنه لا يُعرف، وقد ذكره ابن حبان في (الثقات)، وذكر محمد بن إسحاق أنه كان قارئاً للقرآن كما في (تهذيب التهذيب)، ولهذا حكم الذهبي عليه بأنه غير معروف، ولم يرو عنه إلا محمد بن إسحاق، ولم يرو هو إلا عن داود الذي ولّدته أم حبيبة رضي الله تعالى عنها، ولم يأت شيء في بيان عدد أكفان النساء إلا هذا الحديث، وعلى هذا فيكون الحكم في حق الرجال والنساء واحد، أي: أنهم يلفون في ثلاث لفائف بيض كما جاء في حق الرجال، فالأصل هو التساوي بين الرجال والنساء في الأحكام، إلا أن يأتي شيء ثابت تتميز به النساء عن الرجال، وهذا الحديث غير ثابت كما سبق بيانه.