قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أحمد بن صالح حدثنا ابن وهب (ح) وحدثنا سليمان بن داود المهري أخبرنا ابن وهب وهذا لفظه أخبرني أسامة بن زيد الليثي أن ابن شهاب أخبره أن أنس بن مالك رضي الله عنه حدثهم: (أن شهداء أُحدٍ لم يُغسلوا، ودفنوا بدمائهم، ولم يصل عليهم)].
أورد أبو داود حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: [(إن شهداء أحد لم يُغسلوا، ودفنوا بدمائهم، ولم يصل عليهم)]، ومعنى ذلك أنهم لم يُغسلوا، بل دفنوا بدمائهم، ولم يصل عليهم، وهذا يدل على أن الشهداء لا يُغسلون؛ ليبقى ذلك الأثر علامة على الشهادة في سبيل الله عز وجل.
قوله: [(ولم يصل عليهم)] وقد جاء في بعض الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على حمزة، وفي بعضها أنه صلى عليهم كلهم، ولهذا اختلف العلماء في الصلاة على الشهيد، هل يُصلى عليه أم لا يُصلى عليه؟ ووفق بينها الإمام ابن القيم رحمه الله فقال: إن المسلم مخير بين أن يُصلي عليهم أو أن يترك ذلك، فإن صلى عليهم فقد جاء ما يدل على ذلك، وإن لم يصل عليهم فقد جاء ما يدل على ذلك، فيكون الأمر على التخيير، ولكن الصلاة عليهم أولى إذا أمكن، فهي زيادة خير؛ لما فيها من الدعاء.
وأما بالنسبة للتغسيل فإنهم -كما عرفنا- لا يُغسلون؛ ليبقى ذلك الدم علامة يعرفون بها يوم القيامة.
وعلى هذا: فتكون الصلاة عليهم ليست بواجبة كغيرهم، فغيرهم تجب الصلاة عليه على الكفاية، فإن الصلاة على الميت من فروض الكفايات، وأما بالنسبة للشهداء فتجوز الصلاة عليهم، ويجوز تركها، والصلاة عليهم أولى.