قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الشهيد يُغسل.
حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا معن بن عيسى (ح) وحدثنا عبيد الله بن عمر الجشمي حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن إبراهيم بن طهمان عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه أنه قال: (رمي رجل بسهمٍ في صدره أو في حلقه فمات، فأدرج في ثيابه كما هو، قال: ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم)].
أورد أبو داود هذه الترجمة: [باب في الشهيد يُغسل]، أي: ما حكم ذلك؟ هل يغسل أو لا يغسل؟
و صلى الله عليه وسلم أنه لا يغسل، فالمقصود بالترجمة: بيان حكم تغسيله وأنه لا يغسل، فقد جاءت السنة بعدم تغسيله، وجاء في بعض الروايات: أنه يأتي يوم القيامة وذلك علامة عليه، وأنه يأتي ودمه يسيل، اللون لون الدم، والريح ريح المسك، ومعنى ذلك: أن أثر الاستشهاد والقتل في سبيل الله يبقى عليه، إذاً فلا يُغسل؛ لأن الغسل يزيله ويُذهِب أثره، والمقصود بقاء ذلك الأثر؛ لأنه علامة على كونه استشهد وقتل في سبيل الله، وهذا من جنس قصة ذلك الرجل الذي وقصته ناقته في الحج في عرفة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (كفنوه في ثوبيه، ولا تمسوه طيباً؛ فإنه يُبعث يوم القيامة ملبياً) أي: أن ذلك يكون علامة على حجه وتلبسه بتلك العبادة التي مات وهو متلبس بها، فهنا لا يُغسل الشهيد؛ ليكون ذلك علامة له يوم القيامة يُعرف بها.
وقد أورد أبو داود حديث جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما قال: (رمي رجلٌ بسهم في صدره أو في حلقه فمات، فأدرج في ثيابه كما هو)، ومحل الشاهد قوله: (كما هو) أي: أنه لم يغسل، وإنما دفن على هيئته التي هو عليها، فالشهيد إذن لا يُغسّل.
قوله: (ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم) يعني: أنه في غزاة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.