قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير عن منصور عن إبراهيم عن يزيد بن أوس قال: دخلت على أبي موسى رضي الله عنه وهو ثقيل -أي مريض- فذهبتْ امرأته لتبكي أو تهُمَّ به، فقال لها أبو موسى: أما سمعت ما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ قالت: بلى، قال: فسكتت، فلما مات أبو موسى قال يزيد: لقيت المرأة فقلت لها: ما قول أبي موسى لكِ: أما سمعت قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم سكت؟ قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ليس منا من حلق، ومن سلق، ومن خرق)].
أورد أبو داود حديث امرأة أبي موسى، وكذلك أبي موسى، إلا أن حديث أبي موسى مجمل، ولكن زوجته هي التي روت وفصلت الحديث، ويقال لها أم عبد الله، وفي هذا الحديث: أن يزيد بن أوس قال: دخلت على أبي موسى وهو ثقيل، أي: أنه مريض مرضاً شديداً، فذهبت امرأته لتبكي أو لِتُهمَ بالبكاء، فقال لها: أما سمعت ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فسكتت، ثم لما تُوفي أبو موسى الأشعري لقيها يزيد وقال لها: ما الذي يعنيه أبو موسى عندما قال لك: أما سمعت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم سكت؟ فقالت: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ليس منا من حلق، ومن سلق، ومن خرق) أي: ليس من أهل طريقتنا وسنتنا ومنهجنا، وهذا وعيدٌ شديد في حق من حصل منه ذلك، والمقصود بقوله: (ليس منا من سلق) أي: من رفع صوته بالمصيبة، (وحلق) أي: حلق الرأس بسبب المصيبة، (وخرق) أي: خرق الثوب وشقه بسبب المصيبة، وهو مثلما جاء في الحديث الآخر: (لعن الله الصالقة والحالقة والشاقة).