قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في أخذ الجزية.
حدثنا العباس بن عبد العظيم حدثنا سهل بن محمد حدثنا يحيى بن أبي زائدة عن محمد بن إسحاق عن عاصم بن عمر عن أنس بن مالك رضي الله عنه، وعن عثمان بن أبي سليمان: (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعث خالد بن الوليد رضي الله عنه إلى أكيدر دومة، فأخذ فأتوه به، فحقن له دمه، وصالحه على الجزية)].
أورد أبو داود باب أخذ الجزية، وهي ما يؤخذ من الكفار إذا أقرهم المسلمون على البقاء في أرضهم، على أن يدفعوا الجزية عن يد وهم صاغرون، ومن العلماء من قال: إنها تؤخذ من جميع الكفار سواء كانوا من العرب أو غير العرب، وبعض أهل العلم يقول: إنها لا تؤخذ إلا من اليهود والنصارى، وقد جاء في الأحاديث ما يدل على أخذها من عموم الكفار إذا بقوا تحت ولاية المسلمين، فيدفعون الجزية، ويشاهدون أحكام الإسلام وأعمال المسلمين، ويكون ذلك من أسباب دخولهم في الإسلام.
وقد أورد أبو داود عدة أحاديث، منها هذا الحديث عن أنس بن مالك رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث خالد بن الوليد إلى أكيدر دومة، فأخذه فأتي به النبي صلى الله عليه وسلم فصالحه على أن يدفع الجزية) يعني: يدفع الجزية ويبقى، وقيل: إنه من العرب، فهذا دليل على أخذ الجزية من العرب، وقد جاء في حديث بريدة بن الحصيب الذي في صحيح مسلم قال: (كان النبي عليه الصلاة والسلام إذا أمر أميراً على جيش أوصاه بتقوى الله وبمن معه من المسلمين خيراً، وقال: اغزوا باسم الله)، وفي آخره ذكر أنه يخيرهم بين أن يدخلوا في الإسلام أو يعطوا الجزيرة عن يد وهم صاغرون.
وقوله هنا: فحقن له دمه يعني: أعطاه الأمان وصالحه على أن يدفع الجزية.