قال المؤلف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسدد حدثنا أبو الأحوص حدثنا سماك عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (أكل رسول الله صلى الله عليه وسلم كتفاً ثم مسح يده بمسح كان تحته، ثم قام فصلى)].
هذا فيه دليل على أنه لا يجب الوضوء من أكل لحم الغنم.
وفيه: جواز مسح اليد بعد الطعام، وأنه لا يجب الغسل وإنما يستحب، فإذا مسح بالمنديل كفى، وإن غسلها فهو أكمل وأفضل.
والحديث أصله في الصحيحين: (أن النبي صلى الله عليه وسلم أكل كتفاً ثم قام فصلى ولم يتوضأ).
وقوله في حديث المغيرة السابق: (تربت يداه) يعني: لصقت يداه بالتراب من شدة الفقر، وهذا هو الأصل، لكن هذه من الكلمات التي تجري على اللسان ولا يراد بها معناها، ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: (فاظفر بذات الدين تربت يداك)، فهو من باب الحث على الشيء أو تأكيد الشيء، وليس المقصود الدعاء عليه.
ومثل ذلك ما جاء في الحديث: (عقرى حلقى، أحابستنا هي؟) وذلك لما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالرحيل من حجة الوداع، فقالوا: إن صفية حاضت، قال: (عقرى حلقى أحابستنا هي؟! قالوا: إنها أفاضت، قال: أيسروا إذن).
فقوله: (عقرى) أصلها دعاء بالعقر، و (حلقى) بالحلق، ولكن ليس هذا المراد بها هنا، وإنما هذه كلمات أصبحت تجري على اللسان من غير قصد، فهي على عادة العرب.