[1209] فليجعلها وَاحِدَة الخ أعلم ان ظَاهر هَذَا الحَدِيث يدل على أَنه مَبْنِيّ على مَا يستيقن وَلَا يعْمل بِالتَّحَرِّي وَهُوَ مَذْهَب الْجُمْهُور وَقَالَ أَبُو حنيفَة يعيدان شكّ أول مرّة أَي لم يكن الشَّك عَادَة لَهُ والا يتحَرَّى بِالظَّنِّ الْغَالِب وَيعْمل بِهِ وَبعد التَّحَرِّي ان لم يحصل غَلَبَة الظَّن فِي جَانب وَاحِد يَبْنِي على الاقل وَيسْجد للسَّهْو لِأَن الْبناء على الظَّن الْغَالِب أصل مُقَرر فِي الشَّرْع كَمَا فِي الْقبْلَة وَغَيرهَا وَقد جَاءَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن بن مَسْعُود أَنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذا شكّ أحد فليتحر بِالصَّوَابِ وَيتم عَلَيْهِ وَفِي جَامع الْأُصُول من حَدِيث النَّسَائِيّ عَن بن مَسْعُود من أوهم فِي صلَاته فليتحر الصَّوَاب ثمَّ يسْجد سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالس وَقَالَ مُحَمَّد فِي مؤطاه ان الْآثَار فِي بَاب التَّحَرِّي كَثِيرَة وَقَالَ ان لم يَجْعَل كَذَلِك فَالنَّجَاةُ من السَّهْو وَالشَّكّ مُتَعَذر وَفِي صُورَة كثير الشَّك حرج عَظِيم وَالْحَاصِل أَنه ثَبت فِي هَذَا الْبَاب أَحَادِيث ثَلَاثَة أَحدهَا إِذا شكّ أحدكُم فِي الصَّلَاة فليستأنف أَو كَمَا قَالَ وَثَانِيها من شكّ فِي صلَاته فليتحر الصَّوَاب وَثَالِثهَا هَذَا الحَدِيث الَّذِي فِي الْكتاب النَّاطِق بِالْبِنَاءِ على مَا استيقن فَجمع أَبُو حنيفَة بَينهَا بِحمْل الأول على عرُوض الشَّك أول مرّة وَالثَّانِي على صُورَة وُقُوع التَّحَرِّي على أحد الْجَانِبَيْنِ وَالثَّالِث على عدم وُقُوع التَّحَرِّي عَلَيْهِ وَهَذَا كَمَال الجامعية الَّذِي ابتنى مَذْهَب أبي حنيفَة رح عَلَيْهِ وَالوهم مني فَإِن قلت كَيفَ يَتَأَتَّى الْوَهم من إِبْرَاهِيم مَعَ مُلَاحظَة قَوْله ازيد فِي الصَّلَاة شَيْء فَإِنَّهُ صَرِيح فِي انه زَاد قلت يحْتَمل أَن يكون مَعْنَاهُ ازيد فِي بَاب الصَّلَاة حكم جَدِيد أَو ورد بتنقيصها فَلَا يُنَافِي الْوَهم عبد الْعَزِيز
[1212] ثمَّ يسْجد سَجْدَتَيْنِ لَيْسَ فِيهِ تعْيين مَحل السُّجُود وَقد روى الدَّارَقُطْنِيّ مَرْفُوعا إِذا سهى أحدكُم فَلم يدر ازاد أَو نقص فليسجد سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالس ثمَّ يسلم وروى أَبُو دَاوُد نَحوه فَإِن قلت هَذِه الرِّوَايَات تدل على أَن سَجْدَتي السَّهْو قبل السَّلَام قلت رِوَايَات الْفِعْل متعارضة فَبَقيَ لنا رِوَايَة القَوْل وَهُوَ حَدِيث ثَوْبَان لكل سَهْو سَجْدَتَانِ بعد مَا يسلم من غير فصل من الزِّيَادَة وَالنُّقْصَان سالما من الْمعَارض فتعمل بِهِ ثمَّ اخْتلفُوا فِي المُرَاد بِالْحَدِيثِ فَقَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ وظائفة من السّلف بِظَاهِرِهِ وَقَالُوا إِذا شكّ الْمُصَلِّي فَلم يدر زَاد أَو نقص فَلَيْسَ عَلَيْهِ الا سَجْدَتَيْنِ وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَآخَرُونَ مَتى شكّ فِي صلَاته لزمَه الْبناء على الْيَقِين عملا بِحَدِيث أبي سعيد رَوَاهُ مُسلم قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذا شكّ أحدكُم فِي صلَاته فَلم يدر كم صلى اثلاثا أم أَرْبعا فليطرح الشَّك وليبن على مَا استيقن ثمَّ يسْجد سَجْدَتَيْنِ قبل أَن يسلم الحَدِيث هَذَا زبدة مَا فِي الْعَيْنِيّ
قَوْله قَالَ الطنافسي هَذَا الأَصْل الطنافسي هُوَ عَليّ بن مُحَمَّد بن إِسْحَاق هُوَ بِفَتْح الْمُهْملَة وَتَخْفِيف النُّون وَبعد الالف فَاء ثمَّ مُهْملَة نِسْبَة الى الطنافس جمع طنفسه مُثَلّثَة الطَّاء وَالْفَاء وبكسر الطَّاء وَفتح الْفَاء وَبِالْعَكْسِ وَهِي الْبسط والثبات كَذَا فِي الْقَامُوس وَهَذَا الأَصْل أَي هَذَا الأَصْل مُتَّفق عَلَيْهِ عِنْد الْعلمَاء لَا يَصح لأحد ان يُخَالِفهُ وَإِنَّمَا الِاخْتِلَاف فِي أُمُور أخر (إنْجَاح)
قَوْله
[1213] إِذا فَصليت الخ أَي إِذا كَانَ الْأَمر كَذَلِك من عدم التَّقْصِير فِي الصَّلَاة فَمَا هُوَ الا النسْيَان فَاعْلَم انك صليت رَكْعَتَيْنِ واخرج مُحَمَّد فِي الْمُوَطَّأ ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّمَا انسى لاسن أَي إِنَّمَا يعرض على النسْيَان من جَانب الله تَعَالَى لاقتدى بذلك النسْيَان وَذَلِكَ رَحْمَة من الله تَعَالَى على أمته لكَي يعلمُوا فعل نَبِيّهم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا من الْعَوَارِض البشرية نظرا على النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَغَيْرِهِ وَتَحْقِيق الْمقَام فِي الشِّفَاء للْقَاضِي عِيَاض من شَاءَ فليراجعه (إنْجَاح)
قَوْله
[1214] فهاباه الخ الْمَعْنى إِنَّمَا غلب عَلَيْهِمَا احترامه وتعظيمه أَي عَن الِاعْتِرَاض عَلَيْهِ وَأما ذُو الْيَدَيْنِ فغلب عَلَيْهِ حرصه على تَعْلِيم الْعلم كَذَا فِي فتح الْبَارِي
قَوْله فَقَالَ يَا رَسُول الله اسْتدلَّ بِهِ قوم على أَن الْكَلَام فِي الصَّلَاة من الْمَأْمُومين على وَجه إصْلَاح الصَّلَاة لَا يُفْسِدهَا وان كَانَ من الامام والمأمومين فِيهَا على السَّهْو لَا يقطع الصَّلَاة وَهُوَ مَذْهَب مَالك وَرَبِيعَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَإِسْحَاق وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالثَّوْري فِي الْأَصَح تبطل صلَاته نَاسِيا كَانَ أَو جَاهِلا وَأَجَابُوا عَن الحَدِيث أَنه مَنْسُوخ وَذَلِكَ أَن عمر بن الْخطاب عمل بعد النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخِلَاف مَا كَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عمله يَوْم ذِي الْيَدَيْنِ وَالْحَال أَنه مِمَّن حضر يَوْم ذِي الْيَدَيْنِ فلولا ثَبت الانتساخ عِنْده لما فعل وَأَيْضًا فَإِن عمر فعل بِحَضْرَة الصَّحَابَة وَلم يُنكره وَاحِدًا فَصَارَ إِجْمَاعًا عَيْني مُخْتَصرا
قَوْله فَقَامَ فصلى اسْتشْكل فِيهِ لِأَنَّهُ كَانَ قَائِما أُجِيب بِأَن المُرَاد بقوله فَقَامَ أَي اعتدل لِأَنَّهُ كَانَ مُسْتَندا الى الْخَشَبَة وَقيل هُوَ كِنَايَة عَن الدُّخُول فِي الصَّلَاة كَذَا فِي الْعَيْنِيّ
قَوْله
[1220] خرج النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الخ قلت استنباط صِحَة الْبناء من هَذَا الحَدِيث غير صَحِيح لِأَن التَّحْرِيمَة لم تَنْعَقِد مَعَ الْجَنَابَة بِإِجْمَاع الْعلمَاء فَكيف يَصح الْبناء وَمعنى الحَدِيث أَنه صلى بهم الصَّلَاة استينافا وابتداءها بِتَحْرِيمِهِ على حِدة وَقد جَاءَ فِي بعض الرِّوَايَات مَا يشد أَرْكَان مَا ذكرنَا مَوْلَانَا شاه عبد الْعَزِيز قدس سره
قَوْله وَكبر وَفِي البُخَارِيّ انتظرنا ان يكبر وَفِي رِوَايَة مُسلم قبل ان يكبر وَمَا ورد فِي أبي دَاوُد دخل فِي صَلَاة الْفجْر فَكبر ثمَّ أَوْمَأ إِلَيْهِم وَمَا رَوَاهُ مَالك أَنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كبر فِي صلَاته من الصَّلَوَات ثمَّ أَشَارَ بِيَدِهِ ان امكثوا وَنَحْوه روى بن ماجة فَإِذا قيل أَنَّهُمَا وَاقِعَتَانِ فَلَا تعَارض والا فَمَا فِي الصَّحِيح أصح عَيْني مُخْتَصرا
قَوْله
[1221] أَو قلس هُوَ بِفَتْح أَوله وَسُكُون ثَانِيه مَا يخرج من الْحلق مَلأ الْفَم أَو دونه وَلَيْسَ بقيء فَإِن عَاد فَهُوَ قيء كَذَا فِي الْقَامُوس وَفِي الْمجمع القلس بالحركة وَقيل بِسُكُون (إنْجَاح)
قَوْله ثمَّ ليبن الخ الحَدِيث مُوَافق للحنفية وَأما الحَدِيث السَّابِق فَلَيْسَ فِيهِ الْمُطَابقَة للتَّرْجَمَة فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ ذكر الْبناء وَلما كَانَ قَرِيبا من مَعْنَاهُ فِي الصُّورَة حَيْثُ خرج صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكبر ثمَّ أَشَارَ إِلَيْهِم ثمَّ جَاءَ فصلى فَنَاسَبَ بِهَذَا الْمَعْنى للتَّرْجَمَة وَلَا نعلم اخْتِلَافا بَين الْعلمَاء فِي أَن الْجنب لَا يَصح شُرُوعه فِي الصَّلَاة وان كَانَ الْمُؤلف فهم هَذَا الْمَعْنى بقوله ثمَّ أَشَارَ إِلَيْهِم فَلَيْسَ بِبَعِيد وَالله أعلم انجاح وَلقَائِل ان يَقُول ان حَدِيث ذِي الْيَدَيْنِ الثَّالِث فِي صَحِيح مُسلم فَإِنَّهُ تكلم فِي الصَّلَاة حِين سلم النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على الرَّكْعَتَيْنِ سَاهِيا وتكليم بعض الصَّحَابَة وَالنَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ حجَّة لِلْجُمْهُورِ بِأَن كَلَام النَّاسِي وَمن يظنّ انه لَيْسَ فِيهَا لَا يُفْسِدهَا فَإِن أُجِيب بِأَن حَدِيث ذِي الْيَدَيْنِ مَنْسُوخ كَانَ الْكَلَام فِيهَا مُبَاحا مَمْنُوع لرِوَايَة أبي هُرَيْرَة وَهُوَ مُتَأَخّر الْإِسْلَام وان أُجِيب بِجَوَاز ان يرويهِ عَن غَيره وَلم يكن حَاضر افغير صَحِيح لما فِي صَحِيح مُسلم عَنهُ بَينا أَنا أُصَلِّي مَعَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وسَاق الْوَاقِعَة وَهُوَ صَرِيح فِي حُضُوره وَلم أر عَنهُ جَوَابا شافيا بَحر الرَّائِق قَوْله العشى هُوَ آخر النَّهَار قَوْله فَخرج سرعَان النَّاس وَهُوَ أَوَائِل النَّاس خُرُوجًا من الْمَسْجِد وهم أَصْحَاب الْحَاجَات غَالِبا توشيح قَوْله