[1124] ان أهل قبا كَانُوا يجمعُونَ الخ وروى التِّرْمِذِيّ عَن رجل من أهل قبَاء عَن أَبِيه قَالَ أمرنَا النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَن فَشهد الْجُمُعَة من قبَاء قبَاء بِضَم الْقَاف وخفة الْمُوَحدَة مَعَ مد وَقصر مَوضِع بميلين أَو ثَلَاثَة من الْمَدِينَة وَقَالَ التِّرْمِذِيّ هَذَا حَدِيث لَا نعرفه الا من هَذَا الْوَجْه وَلَا يَصح فِي هَذَا الْبَاب عَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْء وَقد روى عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْجُمُعَة على من أَواه اللَّيْل الى أَهله هَذَا حَدِيث إِسْنَاده ضَعِيف وَمعنى الحَدِيث أَن الْجُمُعَة وَاجِبَة على من كَانَ بَين وَطنه وَبَين الْموضع الَّذِي يصلى فِيهِ الْجُمُعَة مَسَافَة يُمكن لَهُ الرُّجُوع بعد أَدَاء الْجُمُعَة إِلَى وَطنه قبل اللَّيْل وَيُسمى هَذَا مَسَافَة الْعَدْوى على خلاف مَسَافَة الْقصر الَّذِي يصير بِهِ مُسَافِرًا قَالَ الطَّيِّبِيّ وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حنيفَة رض بشرطان يكون وَطنه ينْقل الى ديوَان الْمصر الَّذِي يَأْتِيهِ للْجُمُعَة وان كَانَ لوطنه ديوَان غير ديوَان الْمصر لم يجب عَلَيْهِ الْإِتْيَان قَالَ بن الْهمام وَمن كَانَ من تَوَابِع الْمصر فَحكمه حكم أهل الْمصر فِي وجوب الْجُمُعَة عَلَيْهِ وَاخْتلفُوا فِيهِ فَعَن أبي يُوسُف ان كَانَ الْموضع يسمع فِيهِ النداء من الْمصر فَهُوَ من تَوَابِع الْمصر والا فَلَا وَعنهُ أَنَّهَا تجب فِي ثَلَاث فراسخ وَقَالَ بَعضهم قدر ميل وَقيل قدر ميلين وَقيل سِتَّة أَمْيَال وَقيل أَن أمكنه ان يحضر الْجُمُعَة ويبيت بأَهْله من غير تكلّف تجب عَلَيْهِ الْجُمُعَة والا فَلَا قَالَ فِي الْبَدَائِع وَهَذَا حسن انْتهى وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد وَإِسْحَاق لَا تجب الْجُمُعَة الا على من سمع النداء فَخر الْحسن فقد لغوت يحرم فِي الْخطْبَة الْكَلَام وَإِن كَانَ أَمر بِالْمَعْرُوفِ أَو تسبيحا 12 ف عَنهُ أنيت أَي أخرت الْمَجِيء وأبطأت
[1125] من ترك الْجُمُعَة أَي اكْتفى بِالظّهْرِ عَن الْجُمُعَة تهاونا بهَا الظَّاهِر أَن المُرَاد بالتهاون التكاسل وَعدم الْجد فِي أَدَائِهِ لَا الاهانة وَالِاسْتِخْفَاف فَإِنَّهُ كفر وَالْمرَاد بَيَان كَونه مَعْصِيّة عَظِيمَة تَقْتَضِي الى الطَّبْع وَالدّين وَجَاء عَن بن عَبَّاس ان من ترك الْجُمُعَات مُتَوَالِيَة فقد نبذ الْإِسْلَام وَرَاء ظَهره لمعات
قَوْله طبع على قلبه أَي ختم قَالَ القَاضِي اخْتلف المتكلمون فِي هَذَا اخْتِلَافا كثيرا فَقيل هُوَ اعدام اللطف وَأَسْبَاب الْخَيْر وَقيل هُوَ خلق الْكفْر فِي صُدُورهمْ وَهُوَ قَول أَكثر مُتَكَلم أهل السّنة قَالَ غَيرهم هم الشَّهَادَة عَلَيْهِم وَقيل هُوَ عَلامَة جعلهَا الله تَعَالَى فِي قُلُوبهم لتعرف بهَا الْمَلَائِكَة من يمدح وَمن يذم انْتهى
قَوْله
[1127] ان يتَّخذ الصبة بصاد مُهْملَة وموحدة قَالَ فِي النِّهَايَة أَي جمَاعَة مِنْهَا تَشْبِيها بِجَمَاعَة النَّاس وَقد اخْتلف فِي عَددهَا فَقيل مَا بَين الْعشْرين الى الْأَرْبَعين من الضَّأْن والمعز وَقيل من الْمعز خَاصَّة وَقيل نَحْو الْخمسين وَقيل مَا بَين السِّتين الى السّبْعين والصبة من الْإِبِل نَحْو خمس أَو سِتّ (زجاجة)
قَوْله ان يتَّخذ الصبة بِالضَّمِّ أَي جمَاعَة مِنْهَا وَهِي مَا بَين الْعشْرين الى الْأَرْبَعين من الضان والمعز كَذَا فِي الْمجمع قَوْله فيتعذر عَلَيْهِ الْكلأ وَهُوَ الْحَشِيش الْيَابِس بِقرب الْبَلَد فيرتفع أَي يبعد لطلب الْكلأ الى مواقع الْقطر والمطر فيثقل عَلَيْهِ الذّهاب الى الْجُمُعَة حَتَّى يتَكَرَّر تَركهَا فيطبع الله على قلبه بالقسوة والغفلة فَيكون من أحد الاعراب قَالَ الله تَعَالَى الاعراب أَشد كفرا ونفاقا وَفِيه وَعِيد شَدِيد لمن يضيع نَفسه لحظ الدُّنْيَا وَيتْرك الْآخِرَة هَذَا إِذا كَانَ لانهماكه فِي الدُّنْيَا وَأما إِذا عزل عَن النَّاس لطلب السَّلامَة للدّين فَلَيْسَ هُوَ بمذموم لحَدِيث النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوشك أَن يكون خير مَال الْمُسلم غنم يتبع بهَا شعف الْجبَال ومواقع الْقطر يفر بِدِينِهِ وَأما تَحْقِيق الْمقَام فمحله أدب الصُّحْبَة من كتاب الاحياء للغزالي نفعنا الله تَعَالَى بأنفاسه المقدسة (إنْجَاح الْحَاجة)
قَوْله
[1128] فليتصدق الخ قَالَ بن حجر وَهَذَا التَّصَدُّق لَا يرفع اثم التّرْك أَي بِالْكُلِّيَّةِ حَتَّى يُنَافِي خبر من ترك الْجُمُعَة من غير عذر لم يكن لَهَا كَفَّارَة دون الْقِيَامَة وَإِنَّمَا يُرْجَى بِهَذَا التَّصَدُّق تَخْفيف الْإِثْم وَذكر الدِّينَار وَنصفه لبَيَان الاكمل فَلَا يُنَافِي ذكر الدِّينَار وَنصفه صَاع حِنْطَة وَنصفه فِي رِوَايَة أبي دَاوُد (مرقاة)
قَوْله
[1130] فصلى سَجْدَتَيْنِ فِي بَيته وَبِه يَقُول الشَّافِعِي وَأحمد وَعند ابيحنيفة يصلى بعد الْجُمُعَة أَرْبعا للْحَدِيث الَّاتِي إِذا صليتم بعد الْجُمُعَة فصلوا أَرْبعا وَبِمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ من كَانَ مِنْكُم مُصَليا بعد الْجُمُعَة فَليصل أَرْبعا وَقَالَ هَذَا حَدِيث حسن صحيخ وَبِه قَالَ الثَّوْريّ وَابْن الْمُبَارك وَعند أبي يُوسُف وَمُحَمّد يُصَلِّي سِتّ رَكْعَات لما فِي التِّرْمِذِيّ وروى عَن عَليّ بن أبي طَالب أَنه أَمر أَن يُصَلِّي بعد الْجُمُعَة رَكْعَتَيْنِ ثمَّ أَرْبعا وَبِمَا روى التِّرْمِذِيّ عَن عَطاء قَالَ رَأَيْت بن عمر صلى بعد الْجُمُعَة رَكْعَتَيْنِ ثمَّ صلى بعد ذَلِك أَرْبعا قَالَ الشَّيْخ فِي اللمعات وَأما الصَّلَاة قبل الْجُمُعَة فثابتة وَقد أنكرهُ بعض الْمُحدثين وبالغوا فِي الْإِنْكَار وَقَالَ صَاحب سفر السَّعَادَة الَّذين قَالُوا بسنية الْجُمُعَة قبلهَا إِنَّمَا قَالُوا بهَا قِيَاسا على الظّهْر واثبات السّنَن بِالْقِيَاسِ غير جَائِز أعلم ان فِي جَامع الْأُصُول عَن ثَعْلَبَة بن أبي مَالك الْقرظِيّ أَنه قَالَ كَانُوا فِي زمن عمر بن الْخطاب رض يصلونَ يَوْم الْجُمُعَة قبل الْخطْبَة وَإِذا خرج جلس على الْمِنْبَر فَأذن الْمُؤَذّن الحَدِيث وَفِي صَحِيح مُسلم عَن أبي هُرَيْرَة من اغْتسل ثمَّ اتى الْجُمُعَة فصلى مَا قدر لَهُ ثمَّ أنصت وَأورد فِي السّنة قبل الْجُمُعَة وَأورد السُّيُوطِيّ فِي جمع الْجَوَامِع من كَانَ مُصَليا يَوْم الْجُمُعَة فَليصل قبلهَا أَرْبعا وَبعدهَا أَرْبعا وَفِي أداب أَيْضا من حَدِيث أبي دَاوُد عَن نَافِع قَالَ كَانَ بن عمر يُطِيل فِي الصَّلَاة قبل الْجُمُعَة وَبعدهَا وَيَقُول هَكَذَا كَانَ يَفْعَله رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْتهى قلت وَفِي التِّرْمِذِيّ وروى عَن عبد الله بن مَسْعُود أَنه كَانَ يُصَلِّي قبل الْجُمُعَة أَرْبعا وَفِي الْبَاب السَّابِق من هَذَا الْكتاب عَن بن عَبَّاس قَالَ كَانَ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يرْكَع قبل الْجُمُعَة أَرْبعا لَا يفصل فِي شَيْء مِنْهُنَّ (فَخر)
قَوْله
[1137] ان فِي الْجُمُعَة سَاعَة أعلم ان الْأَقْوَال فِي تعْيين هَذِه السَّاعَة كَثِيرَة تبلغ كَمَا ذكرُوا الى ثَلَاثَة وَثَلَاثِينَ قولا أرجحها وأقواها قَولَانِ أَحدهمَا مَا بَين ان يجلس الامام الى أَن يقْضِي الصَّلَاة وَثَانِيهمَا آخر ساعةمن الْيَوْم وَقَالَ فِي فتح الْبَارِي وَمَا عداهما مُوَافق لأَحَدهمَا أَو ضَعِيف الْإِسْنَاد وَمَوْقُوف اسند قَائِله بِاجْتِهَادِهِ من غير سَماع وتوقيف ثمَّ الْأَكْثَرُونَ على أَن ارجحه القَوْل الْأَخير قَالَ الامام أَحْمد أَكثر الْأَحَادِيث فِي هَذَا الْجَانِب وَقَالَ بن عبد الْبر اثْبتْ شَيْء فِي هَذَا الْبَاب حَدِيث عبد الله بن سَلام وَرجحه أَكثر الْأَئِمَّة وَنَصّ الشَّافِعِي عَلَيْهِ وَحَدِيث أبي مُوسَى سَمِعت رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول فِي شَأْن سَاعَة الْجُمُعَة هِيَ مَا بَين ان يجلس الامام الى أَن تقضي الصَّلَاة وان كَانَ مَذْكُورا فِي صَحِيح مُسلم لَكِن فِي إِسْنَاده مقَالا وَهَذِه من جملَة السَّاعَات الَّتِي وَقعت فِي بعض أَحَادِيث مُسلم وَرجح جمَاعَة من الْعلمَاء القَوْل الأول وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ قَالَ مُسلم حَدِيث أبي مُوسَى أصح وأجود شَيْء فِي هَذَا الْبَاب وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ هَذَا الحَدِيث نَص فِي مَوضِع الْخلاف فليلتفت الى غَيره وَقَالَ النَّوَوِيّ هُوَ الصَّحِيح بل الثَّوَاب الَّذِي لَا يجوز غَيره قَالَ العَبْد الضَّعِيف وَقد صَحَّ عَن سيدتنا فَاطِمَة الزهراء انها كَانَت تسلط خادمة ترقب آخر سَاعَة من الْيَوْم فيذكر الله ويدعوه وَقيل ان هَذِه السَّاعَة كَانَت فِي زمن الرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثمَّ رفعت نَقله بن عبد الْبر عَن قوم وزيفه وَالصَّحِيح أَنَّهَا بَاقِيَة لمعات
قَوْله