[1079] الْعَهْد الَّذِي بَيْننَا وَبينهمْ الصَّلَاة قَالَ الْبَيْضَاوِيّ الضَّمِير الْغَائِب لِلْمُنَافِقين شبه الْمُوجب لابقاءهم وحقن دِمَاءَهُمْ بالعهد الْمُقْتَضِي لَا بَقَاء الْمعَاهد والكف عَنهُ وَالْمعْنَى ان الْعُمْدَة فِي إِجْرَاء احكام الْإِسْلَام عَلَيْهِم تشبههم بِالْمُسْلِمين فِي حُضُور صلَاتهم وَلُزُوم جَمَاعَتهمْ وانقيادهم للْأَحْكَام الظَّاهِرَة فَإِذا تركُوا ذَلِك كَانُوا هم وَسَائِر الْكفَّار سَوَاء وَقَالَ الطَّيِّبِيّ يُمكن أَن يكون الضَّمِير عَاما فِيمَن تَابع رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْإِسْلَامِ سَوَاء كَانَ منافقا أم لَا زجاجة قَوْله عبد الله بن مُحَمَّد الْعَدوي رَمَاه وَكِيع بِالْوَضْعِ
[1082] وَالله ان ذَا الْعَجز الخ أَي عده سوال وَجه الاسْتِغْفَار لَهُ لعجز أَي حمق وَظَاهر هَذَا الحَدِيث يُخَالف الحَدِيث السَّابِق فَإِن ظَاهر الحَدِيث يدل على ان هَذَا القَوْل مِنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صدر فِي أول خطْبَة خطبهَا فِي مَسْجِد الْجُمُعَة حِين قدم الْمَدِينَة كَمَا هُوَ الْمُتَبَادر وَفهم من ذَلِك انها لم تكن وَاجِبَة قبل ذَلِك فَهُوَ مُخَالف لما هُوَ فِي هَذَا الحَدِيث وَوجه التطبيق مَا قَالَ فقهاؤنا من انها وَجَبت بِمَكَّة وَلم تقم بهَا لعدم الْقُدْرَة على اظهارها لِأَن اظهارها أقوى من إِظْهَار جمَاعَة الصَّلَوَات الْخمس وَقَالَ الْحلَبِي فِي سيرته وَفِي الإتقان مِمَّا تَأَخّر نُزُوله عَن حكمه آيَة الْجُمُعَة لِأَنَّهَا مَدَنِيَّة وَالْجُمُعَة فرضت بِمَكَّة (إنْجَاح)
قَوْله
[1083] اضل الله عَن الْجُمُعَة الخ فِيهِ دلَالَة لمَذْهَب أهل السّنة أَن الْهدى والاضلال وَالْخَيْر وَالشَّر كُله بِإِرَادَة الله تَعَالَى وَهُوَ فعله خلافًا للمعتزلة قَالَ القَاضِي الظَّاهِر انه فرض عَلَيْهِم تَعْظِيم يَوْم الْجُمُعَة بِغَيْر تعْيين ووكل الى اجتهادهم لإِقَامَة شرائعهم فِيهِ فَاخْتلف اجتهادهم فِي تَعْيِينه وَلم يهدهم الله لَهُ وفرضه على هَذِه الْأمة مُبينًا وَلم يكله الى اجتهادهم ففازوا بتفضيله قَالَ وَقد جَاءَ ان مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام أَمرهم بِالْجمعَةِ وأعلمهم بفضلها فناظروه ان السبت أفضل فَقيل لَهُ دعهم قَالَ القَاضِي وَلَو كَانَ مَنْصُوصا لم يَصح اخْتلَافهمْ فِيهِ بل كَانَ يَقُول خالفوا فِيهِ قلت وَيُمكن ان يكون أمروا بِهِ صَرِيحًا وَنَصّ على عينه فَاخْتَلَفُوا فِيهِ بل يلْزم تَعْيِينه أم لَهُم ابداله وابدلوه وغلطوا فِي ابداله (نووي)
قَوْله
[1084] فِيهِ خمس خلال الخ قَالَ الْبَيْضَاوِيّ لَا شكّ ان خلق أَدَم عَلَيْهِ السَّلَام فِيهِ يُوجب لَهُ شرفا ومزية وَكَذَا وَفَاته فَإِنَّهُ سَبَب لوصوله الجناب الاقدس والخلاص عَن المنكبات وَكَذَا قيام السَّاعَة لِأَنَّهُ من أَسبَاب توصل أَرْبَاب الْكَمَال الى مَا أعد لَهُم من النَّعيم الْمُقِيم قَالَ الرَّاغِب الْمَوْت أحد الْأَسْبَاب الموصلة الى النَّعيم فَهُوَ وَإِن كَانَ فِي الظَّاهِر فنَاء واضمحلالا لَكِن فِي الْحَقِيقَة ولادَة ثَانِيَة وَهُوَ بَاب من أَبْوَاب الْجنَّة مِنْهُ يتَوَصَّل إِلَيْهَا وَلَو لم يكن لم تكن الْمنية من الله تَعَالَى على الْإِنْسَان قَالَ الله تَعَالَى خلق الْمَوْت والحيوة وَقدم الْمَوْت على الْحَيَاة تَنْبِيها على أَنه يتَوَصَّل مِنْهُ الى الْحَيَاة الْحَقِيقِيَّة وعده من الالاء فِي قَوْله تَعَالَى كل من عَلَيْهَا فان (زجاجة)
قَوْله خمس خلال الخ قَالَ القَاضِي عِيَاض الظَّاهِر أَن هَذِه الْفَضَائِل المعدودة لَيست لذكر فَضِيلَة لِأَن إِخْرَاج ادم وَقيام السَّاعَة لَا يعد فَضِيلَة وَإِنَّمَا هُوَ بَيَان لما وَقع فِيهِ من الْأُمُور الْعِظَام وَمَا سيقع لتأهب العَبْد فِيهِ بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَة لنيل رَحْمَة الله وَدفع نقمته وَقَالَ أَبُو بكر الْعُزَّى الْجَمِيع من الْفَضَائِل وَخُرُوج آدم من الْجنَّة هُوَ سَبَب وجود الذُّرِّيَّة وَهَذَا النَّسْل الْعَظِيم وَوُجُود الرُّسُل والأنبياء وَالصَّالِحِينَ والأولياء وَلم يخرج مِنْهَا طردا بل لقَضَاء طَار ثمَّ يعود إِلَيْهَا وَأما قيام السَّاعَة فسبب لتعجيل جَزَاء الْأَنْبِيَاء وَالصديقين وَغَيرهم وَإِظْهَار كرامتهم وشرفهم
قَوْله وَقد أرمت قَالَ الحبر لي كَذَا يرويهِ المحدثون وَلَا أعرف وَجهه وَالصَّوَاب ارمت فَتكون التَّاء لتأنيث الْعِظَام أَو رممت أَي صرت رميما وَقَالَ غَيره إِنَّمَا هُوَ أرمت بِوَزْن ضربت وَأَصله ارممت أَي بليت فحذفت إِحْدَى الميمين كَمَا قَالُوا احست فِي احسست وَقيل إِنَّمَا هُوَ ارمت بتَشْديد التَّاء على أَنه ادغم إِحْدَى الميمين فِي التَّاء وَهَذَا قَول سَاقِط لِأَن الْمِيم لَا تُدْغَم فِي التَّاء ابدا وَقيل يجوز ان يكون ارمت بِضَم الْهمزَة بِوَزْن أمرت من قَوْلهم ارمت الْإِبِل تأرم إِذا تناولت الْعلف وقلعته من الأَرْض (زجاجة)
قَوْله
[1087] من غسل الخ قَالَ فِي النِّهَايَة ذهب كثير من النَّاس ان غسل أَرَادَ بِهِ المجامعة قبل الْخُرُوج الى الصَّلَاة لِأَن ذَلِك يجمع غض الطّرف فِي الطَّرِيق يُقَال غسل الرجل امْرَأَته بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيف إِذا جَامعهَا وَقد روى مخففا وَقيل أَرَادَ غسل غَيره واغتسل هُوَ لِأَنَّهُ إِذا جَامع زَوجته احوجها الى الْغسْل وَقيل أَرَادَ بِغسْل غسل أعضاءه للْوُضُوء ثمَّ تغسل للْجُمُعَة وَقيل هَذَا بِالْمَعْنَى وَاحِد وكرره للتَّأْكِيد (زجاجة)
قَوْله
[1089] على كل محتلم أَي بَالغ قَالَ النَّوَوِيّ المُرَاد بِالْوُجُوب وجوب اخْتِيَار كَقَوْل الرجل لصَاحبه حَقك وَاجِب على وَقَالَ مُحَمَّد فِي الْمُوَطَّأ بِسَنَدِهِ عَن حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ قَالَ أَي حَمَّاد سَأَلته عَن الْغسْل يَوْم الْجُمُعَة وَالْغسْل عَن الْحجامَة وَالْغسْل فِي الْعِيدَيْنِ قَالَ ان اغْتَسَلت فَحسن وان تركت فَلَيْسَ عَلَيْك فَقلت لَهُ الم يقل رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من رَاح الى الْجُمُعَة فليغتسل قَالَ بلَى وَلَكِن لَيْسَ من الْأُمُور الْوَاجِبَة وَإِنَّمَا هُوَ كَقَوْلِه تَعَالَى واشهدوا إِذا تبايعتم الْآيَة وَيُؤَيِّدهُ مَا أخرجه أَبُو دَاوُد عَن عِكْرِمَة ان نَاسا من أهل الْعرَاق جاؤوا فَقَالُوا يَا بن عَبَّاس اترى الْغسْل وَاجِبا يَوْم الْجُمُعَة فَقَالَ لَا وَلكنه طهُور وَخير لمن اغْتسل وَمن لم يغْتَسل فَلَيْسَ عَلَيْهِ بِوَاجِب وَسَأُخْبِرُكُمْ كَيفَ بَدَأَ الْغسْل كَانَ النَّاس مجهودين يلبسُونَ الصُّوف ويعملون على ظُهُورهمْ وَكَانَ مَسْجِدهمْ ضيقا مُتَقَارب السّقف إِنَّمَا هُوَ عَرِيش فَخرج رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي يَوْم حَار وعرق النَّاس فِي ذَلِك الصُّوف حَتَّى ثارت مِنْهُم ريَاح حَتَّى أَذَى بَعضهم بَعْضًا فَلَمَّا وجد عَلَيْهِ السَّلَام تِلْكَ الرِّيَاح قَالَ يَا أَيهَا النَّاس إِذا كَانَ هَذَا الْيَوْم فاغتسلوا الى أَن قَالَ بن عَبَّاس ثمَّ جَاءَ الله بِالْخَيرِ ولبسوا غير الصُّوف وَكفوا الْعَمَل ووسع مَسْجِدهمْ هُوَ وَذهب بعض الَّذِي كَانَ يُؤْذى بَعضهم بَعْضًا من الْعرق فَهَذَا يُشِير الى أَن الْغسْل كَانَ وَاجِبا كَمَا ذهب اليه مَالك ثمَّ صَار سنة كَمَا ذهب اليه الْجُمْهُور شرح مؤطا للقاري
قَوْله
[1091] فبها ونعمت الْبَاء مُتَعَلقَة بِمَحْذُوف أَي اخذ بالخصلة المحسنة ونعمت لتِلْك الْخصْلَة انجاح الْحَاجة قَوْله