[3081] احْتجم وَهُوَ صَائِم محرم وروى مُسلم عَن بن بجينة ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتجم بطرِيق مَكَّة وَهُوَ محرم وسط رَأسه قَالَ النَّوَوِيّ فِي هَذَا الحَدِيث دَلِيل لجَوَاز الْحجامَة للْمحرمِ وَقد اجْمَعْ الْعلمَاء على جَوَاز هاله فِي الرَّأْس وَغَيره إِذا كَانَ لَهُ عذر فِي ذَلِك وان قطع الشّعْر حِينَئِذٍ لَكِن عَلَيْهِ الْفِدْيَة لقلع الشّعْر فَإِن لم يقطع فَلَا فديَة عَلَيْهِ وَدَلِيل المسئلة قَوْله تَعَالَى فَمن كَانَ مِنْكُم مَرِيضا أَو بِهِ أَذَى من رَأسه ففدية الْآيَة وَهَذَا الحَدِيث مَحْمُول على ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَهُ عذر فِي الْحجامَة فِي وسط الرَّأْس لِأَنَّهُ لَا يَنْفَكّ عَن قطع الشّعْر اما إِذا أَرَادَ الْمحرم الْحجامَة بِغَيْر حَاجَة فَإِن تَضَمَّنت قطع شعر فَهِيَ حرَام لتَحْرِيم قطع الشّعْر وان لم تَتَضَمَّن ذَلِك بِأَن كَانَت فِي مَوضِع لَا شعر فه فِيهِ جَائِزَة عِنْد الْجُمْهُور وَلَا فديَة فِيهَا وَعَن بن عمر وَمَالك كراهتها وَعَن الْحسن الْبَصْرِيّ فِيهَا الْفِدْيَة دليلنا ان إِخْرَاج الدَّم لَيْسَ حَرَامًا وَفِي هَذَا الحَدِيث بَيَان قَاعِدَة من مسَائِل الْإِحْرَام وَهِي ان الْحلق واللباس وَقتل الصَّيْد وَنَحْو ذَلِك من الْمُحرمَات يُبَاح للْحَاجة وَعَلِيهِ الْفِدْيَة كمن احْتَاجَ الى حلق أَو لِبَاس لمَرض أَو حر أَو برد أَو قتل صيد للمجاعة وَغير ذَلِك انْتهى
قَوْله
[3082] عَن رهصة اخذته الرهصة أَصله ان وبيب بَاطِن حافر الدَّابَّة شَيْء يوهنه أَو ينزل فِيهِ المَاء من الاعياء وَاصل الرهص شدَّة الْعَصْر كَذَا فِي مجمع الْبحار وَلَعَلَّ المُرَاد مِنْهُ الرقي وَهُوَ نوع من الوجع يحصل بِسَبَب تحرّك رَأس الْعظم من مفصله بِلَا انخلاع مِنْهُ وانكسار عظم وَغَيره فيمتد الاعصاب والاوتار الْمُحِيط بِهِ فيوجع فقد ثَبت حجامته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من هذاالوجع (إنْجَاح)
قَوْله
[3083] كَانَ يدهن رَأسه بالزيت الخ اعْلَم ان الْمحرم إِذا ادهن بدهن مُطيب كدهن الْورْد عضوا كَامِلا فَعَلَيهِ الدَّم بالِاتِّفَاقِ وان ادهن بِزَيْت أَو حل أَي دهن السمسم غير مخلوط بِطيب إِذا كثر مِنْهُ فَعَلَيهِ دم عِنْد أبي حنيفَة وَصدقَة عِنْدهمَا وان اسْتَعْملهُ على وَجه التَّدَاوِي فَلَا شَيْء عَلَيْهِ بِالْإِجْمَاع وَلَعَلَّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ادهن على وَجه التَّدَاوِي (مرقاة)
قَوْله غير المقتت أَي غير المطيب وَهُوَ مَا يطْبخ فِيهِ الرياحين الطّيبَة ليطيب رِيحه (إنْجَاح)
قَوْله
[3084] وَلَا تخمروا وَجهه وَلَا رَأسه الخ فِي هَذَا الحَدِيث دلَالَة لمَذْهَب الشَّافِعِي وَأحمد وَإِسْحَاق فِي ان الْمحرم إِذا مَاتَ لَا يجوز ان يلبس الْمخيط وَلَا يخمر رَأسه وَلَا يمس طيبا وَقَالَ مَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَأَبُو حنيفَة وَغَيرهم يفعل بِهِ مَا يفعل بالحي ودليلهم مَا روى الدَّارَقُطْنِيّ عَن عَطاء مُرْسلا انه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَن محرم مَاتَ فَقَالَ خمروا وَجهه وَرَأسه وَلَا تشبهوه باليهود وَأَجَابُوا عَن حَدِيث الْبَاب بِأَنَّهُ وَاقعَة حَال لَا عُمُوم لَهَا فَلَا ينفذ الى غَيره الا بِدَلِيل وَبِالْجُمْلَةِ لَو كَانَت هَذِه سنة مستمرة للْمحرمِ لنقلت وَجَرت فِي زمن الصَّحَابَة وَلم يفعل الصَّحَابَة خلَافهَا مَعَ ان بن عمر مَعَ انه كَانَ شَدِيد الِاتِّبَاع فعل خِلَافه روى مَالك عَن نَافِع ان عبد الله بن عمر كفن ابْنه واقدا وَمَات بِالْجُحْفَةِ محرما وَقَالَ لَوْلَا انا حرم لطيبناه وخمر رَأسه وَوَجهه قَالَ مُحَمَّد وَبِهَذَا نَأْخُذ وَهُوَ قَول أبي حنيفَة إِذا مَاتَ ذهب الْإِحْرَام عَنهُ (فَخر)
قَوْله
[3087] خمس فواسق هُوَ بتنوين خمس يقتلن فِي الْحل وَالْحرم الْحَيَّة وَهُوَ مَعْرُوف والغراب الابقع وَهُوَ الَّذِي فِي ظَهره وبطنه بَيَاض وَهُوَ الَّذِي يَأْكُل النَّجَاسَة والفارة وَهُوَ مَعْرُوف وَالْكَلب الْعَقُور وَهُوَ الْمَجْنُون الَّذِي يعَض وَقيل كل مَا يفترس لِأَن كل مفترس من السبَاع يُسمى كَلْبا عقورا فِي اللُّغَة والحدأة بِكَسْر الْحَاء مَهْمُوزَة وَجَمعهَا حدأ بِكَسْر الْحَاء مَهْمُوز كعنبة وعنب طَائِر مَعْرُوف وَفِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى الحدياة تَصْغِير الحدأة وَفِي الرِّوَايَة الْآتِيَة الْعَقْرَب بدل الْحَيَّة وَفِي رِوَايَة مُسلم عَن عائةشة أَربع بِحَذْف الْحَيَّة وَالْعَقْرَب وَفِي رِوَايَة الدَّارَقُطْنِيّ عَن بن عمر يقتل الذِّئْب فالمنصوص عَلَيْهِ السَّبع قَالَ الْعَيْنِيّ نَص النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على قتل خمس من الدَّوَابّ فِي الْحرم والاحرام وَبَين الْخمس مَا هن فَدلَّ هَذَا على ان حكم غير هَذِه الْخمس غير حكم الْخمس والا لم يكن للتنصيص على الْخمس فَائِدَة قَالَ عِيَاض ظَاهر قَول الْجُمْهُور ان المُرَاد أَعْيَان مَا سمى فِي هَذَا الحَدِيث وَهُوَ ظَاهر قَول مَالك وَأبي حنيفَة وَلِهَذَا قَالَ مَالك لَا يقتل الْمحرم الوزغ وان قَتله فدَاه انْتهى قلت وَأما بَاقِي السبَاع فالمنصوص عَلَيْهِ فِي ظَاهر الرِّوَايَة انه يجب بقتلها الْجَزَاء لَا يُجَاوز شَاة ان ابتدأها الْمحرم وان ابتدأته بالأذى فَقَتلهَا لَا شَيْء عَلَيْهِ وَذَلِكَ كالاسد والفهد والنمر والصقر والبازي وَقسم صَاحب الْبَدَائِع الصَّيْد الْبري الى ماكول وَغَيره فالمأكول لَا يحل قَتله للْمحرمِ الا ان يصول وَغير الْمَأْكُول ان ابتدأته بالأذى غَالِبا كالاسد وَالذِّئْب والنمر والفهد يحل قَتله وان لم يصل وَجعل وُرُود النَّص فِي الفواسق ورودا فِيهَا دلَالَة وان لم يكن كَذَلِك كالضبع والثعلب لَا يحل قَتله الا ان يصول انْتهى قلت وَهَذِه الرِّوَايَة أولى بِالْقبُولِ لِأَنَّهُ كَذَلِك يثبت عَن الْأَحَادِيث مِنْهَا الحَدِيث الَّاتِي يقتل الْمحرم الْحَيَّة وَالْعَقْرَب والسبع العادي وَمَا روى الدَّارَقُطْنِيّ يقتل الذِّئْب وَمَا روى بن ماجة وَأَبُو دَاوُد والدارمي عَن جَابر جعل رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الضبع يُصِيبهُ الْمحرم كبشار وَجعله من الصَّيْد فَتَأمل (فَخر)
قَوْله والحدياة تَصْغِير الحدأة بِكَسْر الْحَاء وَكسر الدَّال على زنة عنبة قَوْله فَقيل لم قيل لَهُ الفويسقة وَهُوَ تَصْغِير فاسقة للتحقير وَالْمرَاد بِهِ الموذي وَصفَة الفارة بالفويسقة صفة كاشفة لَا احترازية فَإِن كل فارة كَذَلِك (إنْجَاح)
قَوْله
[3090] فَرده عَليّ الخ قَالَ الطَّيِّبِيّ دلّ الحَدِيث على ان الْمحرم لَا يجوز لَهُ قبُول الصَّيْد إِذا كَانَ حَيا وان جَازَ لَهُ قبُول لَحْمه وَقيل الْهدى كَانَ لحم حمَار وَحشِي وَإِنَّمَا لم يقبل لِأَنَّهُ ظن انه صيد لأَجله وَيُؤَيِّدهُ حَدِيث أبي قَتَادَة وَحَدِيث جَابر انْتهى
قَوْله
[3092] أعطَاهُ حمَار وَحش الخ قَالَ مُحَمَّد إِذا صَاد الْحَلَال الصَّيْد فذبحه فَلَا بَأْس بِأَن يَأْكُل الْمحرم من لَحْمه ان كَانَ صيد من أَجله أَو لم يصد من أَجله لِأَن الْحَلَال صَاده وذبحه وَذَلِكَ لَهُ حَلَال فَخرج من حَال الصَّيْد فَلَا بَأْس بِأَن يَأْكُل الْمحرم مِنْهُ وَهُوَ قَول أبي حنيفَة والعامة من فقهائنا مؤطا