كالقمح والشعير بمثله. الرابع: الانتفاع بها كلبس الثوب وركوب الدابة ثم تهلك في أثناء ذلك. الخامس: المخالفة في حفظها إلى ما هو إغراء ونحوه كأن يقول في صندوق له لا تقفله فيقفله ولو قال اقفله بواحد فقفله باثنين لم يكن متعديا إلا أن يعرف أن ذلك إغراء ولو أمره بجعلها في آنية خزف فجعلها في آنية نحاس فهو إغراء بخلاف العكس. السادس: إتلافها بأن يجعلها في مضيعة من الأرض أو يدل عليها سارقا أو ظالما ونحوه. السابع: النسيان فلو نسيها في مكان قبضها فيه فقال ابن عبد الحكم لا يضمن قال وهذا أصل مختلف فيه وقال ابن حبيب يضمن كما لو ظن أنها له فجعلها في كمة فضاعت من كمه والله أعلم.
وقوله: (فردها في صرتها فقد اختلف في تضمينه) يعني على أربعة أقوال مشهورها عدم تضمينه وأنه يبرأ بردها وقاله مالك وابن القاسم وأشهب وابن عبدالحكم وأصبغ وعليه فهل يصدق في الرد بيمين أو بغير يمين والأول ولأشهب ونحوه في الموازية ابن شعبان ومن أودع وديعة قويل له إن شئت تسلفها فتسلفها لم يردها إلا إلى ربها اللخمي ولا يختلف في هذا لأن السلف من ربها (ع) ووجهه الباجي بهذا وقال عندي أنه يبرأ بردها والله أعلم.
(ومن اتجر مكروه والربح له إن كانت عينا وإن باع الوديعة وهي عرض فربها مخير بين أخذ الثمن أو القيمة يوم التعدي).
إنما يكون التجر بالوديعة مكروها إذا جهل طيب نفس صاحبها بذلك والآخذ لها ملئ بما تؤدي منه وقيل يحرم لأنه تصرف في ملك الغير بغير إذن وإنما كان الربح له لأنه بنفس التعدي صارت في ذمته وقيد في العتبية جواز التصرف فيها بما إذا أشهد عليه (س) وهذا التقييد لا بد منه وقال عبد الملك إن كانت مربوطة مختومة لم يجز التصرف فيها وإن علم طيب نفس صابحها والمتصرف ملئ جاز بلا كراهة وإن كان معدما مما تؤدي به منع أخذها.
وقد قال عليه السلام: " من أخذ أموال الناس يريد إتلافها أتلفه الله" وما ذكر من تخيير رب العرض في ثمنه أو قيمته لأنه في الثمن كتقدير بيع الفضولي وفي القيمة ضامن بالتعدي ثم إنه لا يجوز له القدوم على أخذ ذوات القيم لاختلاف الأغراض فيها