معصية من خروج ولا خلاف فقد قال عمر رضي الله عنه لسويد بن غفلة يا سويد بن غفلة لعلك لا تلقاني بعد اليوم عليك بالسمع والطاعة وإن كان عبداً حبشياً مجدعاً إن شتمك فاصبر وإن ضربك فاصبر وإن أخذ مالك فاصبر وإن راودك عن دينك فقل طاعة مني دمي دون ديني ولا تخرج أبداً من طاعته انتهى.
وقد قال تعالى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} [النساء: 59] الآية وقد علم أن العلماء ورثة الأنبياء فوجب الرجوع إليهم وامتثال أمرهم إن كانوا ممن يصح الاقتداء بهم وهو كونهم من أهل العدالة مع علمهم والله أعلم.
(وأتباع السلف الصالح واقتفاء آثارهم والاستغفار لهم).
السلف الصالح الصحابة ومن تبع طريقتهم من سلف الأمة والصالح من صلحت أقواله وأفعاله وأحواله فلم يمكن وجه الرد عليه ولا معنى للطعن فيه فيجب اتباع طريقتهم واقتفاؤهم يعني موافقتهم في علمهم حتى كأنه يمشي خلف قفاهم من غير حيدة ولا خروج عن هديهم القويم وسبيلهم المستقيم وآثارهم ما دل على أمرهم وشأنهم وإنما يستغفر لهم لما لهم من الحق فيما قاموا به من أمر الشريعة إذ أصلوا وحصلوا وفصلوا وجمعوا ووصلوا ونصحوا الأمة بما فعلوا فما من الأمة واحد إلا ولهم عليه منة في دينه بل وفي دنياه بحسب ما وصل إليه من ذلك والله أعلم وسيأتي في هذا مزيد آخر الكتاب إن شاء الله.
(وترك المراء والجدال في الدين).
يعني من واجب أمور الديانات ترك المراء والمراء قوة الجدال والجدال المنازعة وقد جاء النهي عنه في أمر الدين لأنه لا يزيد إلا شراً إلا أن تلجئ الضرورة إليه مع الاقتدار على النصرة أو لتذكر العلم بحسن الخلق وقد قسم العلماء الجدال إلى أقسام الشريعة وحمل القاضي عبد الوهاب كلام الشيخ على ترك الكلام مع أهل الأهواء ومنازعتهم لأنه في الغالب ضرر ولا نفع فيه إلا للنادر في النادر والنادر لا حكم له وقد جاء في الحديث «من ترك المرء وهو محق بني له بيت في أعلى الجنة» فانظر ذلك.
(وترك كل ما أحدثه المحدثون إلخ).
يعني في أمر الدين لقوله عليه السلام: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه