وبيان ذلك بحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه في طلاق زوجته في الحيض وبه أخذ الشافعي وجماعة من السلف كعائشة وابن عمر وابنه سالم والقاسم بن محمد بن أبي بكر وأبي بكر بن عبد الرحمن وسليمان بن يسار قائلا ما أدركت أحدا من فقهائنا إلا وهو يقول هذا.
(فإن كانت ممن لم تحض أو ممن قد يئست من المحيض فثلاثة أشهر في الحرة والأمة).
يعني لعموم قوله تعالى: {واللائي يئسن من الميحض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن} [الطلاق: 4] فالتي لا تحيض لصغر أو كبر فعدتها ثلاثة أشهر اتفاقا وفي الأمة على المشهور وقال أشهب عدة الأمة شهران وحكى ابن بشير قولا بشهر ونصف ثم اليائسة نوعان يائسة لا يمكن حيضها بحال في جري العادة كبنت السبعين فما يجري عليها من الدم غير معتبرة ويائسة يمكن حيضها فيرجع إلى النساء فيها ثم تنتقل للاعتداد بالإقراء إن رأته في أثناء عدتها وكذلك صغيرة تطيق الوطء فترى الدم في عدتها بالشهور وتنتقل للإقراء ثم إن لم يعاود كانت مرتابة والله أعلم.
والنساء خمس صغيرة ويائسة معتادة وحامل ومرتابة وقد تقدم حكم الثلاث الأول ومن المرتابات المستحاضة فلذلك حكم لها بالسنة.
(وعدة الحرة المستحاضة والأمة في الطلاق سنة).
يريد إن كانت غير مميزة اتفاقا فتقعد تسعة أشهر لنفي الريبة لمضي معتاد أمد الحمل ثم تعتد بثلاثة أشهر لانتقالها عن الإقراء وسواء الحرة والأمة ولا خلاف أن المرأة تعمل على تمييزها في العبادة إن كانت تمير بين الحيض والاستحاضة.
واختلف في العادة على روايتين مختار ابن القاسم: العمل عليها وهو الأقرب خلافا لاختيار ابن وهب وهو ظاهر ما هنا ثم تأخر الحيض يكون بأسباب ثلاثة المرض والرضاع والاستحاضة فالمريضة لتأخر حيضتها قال أشهب عدتها بالأقراء ولو تباعدت كالمرضع وتحل في الوفاة بأربعة أشهر وعشر وقال مالك وابن القاسم وابن عبد الحكم وأصبغ كالمرتابة عدتها سنة والمرضع بتأخير حيضتها بالإقراء قال ابن يونس إجماعا.
ابن رشد وارتفاع الحيض مع الرضاع ليس ريبة اتفاقا فتعتد بثلاثة قروء أو سنة