وقد قال عليه السلام: «وقفت ههنا وعرفات كلها موقف» وارتفعوا عن بطن عرنة قال ابن المواز وكتب لي أصبغ المسجد من بطن عرنة فمن وقف فيه فلا حج له وحكى ابن المواز عن مالك من وقف فيه تم حجه ويهريق دما والمراد بالوقوف الكون في داخله قائما أو جالسا أو نائما أو غير ذلك حتى المجتاز إن عرفها ونوى الوقوف بمروره قال ابن عبد البر والجمع فيه سنة إجماعا.

وفي المدونة من فاته الجمع مع الإمام جمع وحده ويستحب الوقوف على طهارة فإن كان جنبا من احتلام أو غير متوضئ فلا شيء عليه والأولى كونه متطهرا والتطهر قبل الرواح مستحب ولا يزال فيه وسخا ولا يتدلك الغاسل بإمرار اليد ولما ظهر الماء بعرفة سنة خمس وسبعين وثمانمائة رأيت بعض الناس يسبح في الجابية ويلعب كما يلعب في النهر وذلك ما ينافي الإحرام لإزالة الشعث فليتقه المشفق على دينه ثم وقوفه نهارا سنة والواجب جزء من الليل على مذهب مالك فمن فاته النهار اختيارا لزمة دم ومن فاته الليل بطل حجه وإن وقف أدنى جزء منه كفاه.

وروى ابن وهب وقوفه راكبا أحب إلي من الوقوف قائما وقيده اللخمي بعدم الإضرار بالدواب والرواية (يدعو الماشي قائما فإن أعيا جلس) أشهب روى ابن حبيب إن وقف بنفسه وترك دابة بلا علة بها فلا شيء عليه الشيخ وروى ابن حبيب له أن يستظل يومئذ من الشمس، وروى محمد لا بأس باستظلاله بالفسطاط والبيت المبني والقبة وهو نازل المازري عن الرياشي قلت لابن المعذل وقد وقف ضاحيا في شدة حر قد اختلف في هذا فلو أخذت بالتوسعة فقال:

أضحيت كي أستظل بظله ... إذا الظل أضحي في القيامة قالصا

ويا أسفي إن كان سعيك باطلا ... ويا حسرتي إن كان حجك ناقصا

وقوله (يدفع بدفعه إلى المزدلفة) يعني أنه لا يدفع من عرفة حتى يدفع الإمام إثر غروب الشمس بلا مهلة ثم إذا وصل مزدلفة مع الإمام جمع المغرب والعشاء معه بعد حط رحله وإن كان وحده فكذلك على المشهور وقاله مالك وقال ابن المواز يصلي كل صلاة لوقتها وثالثها إن رجا إدراك المزدلفة قبل ثلث الليل أخر إليه وإلا فلا وقاله ابن القاسم (س) وهذا القسم متفق عليه في غالب ظني والله أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015