يكره الإحرام منها أولا فيكره لأنها قبل الميقات وبينه وبين مكة مراحل أربعة وكون الأفضل لأهلها إن مروا بالمدينة أن يحرموا من ذي الحليفة لأنه ميقاته عليه السلام الذي أحرم منه، وفي كلامه جواز التأخير إلى ميقاتهم، وإن كان الأفضل بخلافه وذو الحليفة هو الموضع المعروف اليوم ببئر علي في طرف العقيق قريب من جبل عرينة على طريق المتوجة للمدينة من ناحية المغرب على أميال ستة أو نحوها من المدينة وبينه وبين مكة عشر مراحل وكل ميقات غيره أقرب من الجحفة إلى مكة قالوا فحكم ذلك قرب الأفق وبعده فأقرب الآفاق المدينة وهي أبعد ميقات بخلاف غيرها.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن فمن كان من دون ذلك فمن حيث أنشأ حتى أهل مكة من مكة» قال: ومن كان من بين ميقاتين ولا أرجحية فمن بيته والمكي يحرم من المسجد استحبابا وقيل من بابه وقيل مكة كلها له سواء ويستحب له إذا دخل ذو الحجة كخروج ذي التفث إلى الميقات ولا بد للمعتمر من الخروج للحل كما سيأتي إن شاء الله.
(ومن مر من هؤلاء بالمدينة فواجب عليه أن يحرم من ذي الحليفة إذ لا يتعداه إلى ميقات له).
أشار بهؤلاء لغير الجحفي لأن الكل لا يمرون بميقات لهم بعدها بخلاف الجحفي ابن حبيب إلا أن يقصد عدم المرور بالجحفة وحمل على من لا يحاذي في مروره الجحفة لأن من حاذى ميقاتا لا يمر بعده بميقات له كان كمروره به وسواء في ذلك البر والبحر.
وقال سند لا يحرم بحري إلا بعذر نزوله الساحل لاحتمال رده الريح والمشهور خلافه وفي مريض في الحليفة يؤخر إلى الجحفة قولان والمشهور له ذلك لضرورة المرض ولا يؤخر صحيح من أهلها وإلا فالدم على الأصح ولا تؤخر حائض لرجاء طهر والله أعلم.