الاكتفاء، والحلال: ما انجلت عنه التباعات فلا حق فيه للخلق ولا منع فيه من الحق، والحرام: ما أوجب الشارع احترامه أي: تجنبه واتقائه وما من حلال إلا ويقابله حرام وبالعكس كالبيع يقابله الربا والنكاح يقابله الزنى فمن استغنى بالحلال عن الحرام كان مهدياً ومن لم يفعل كان على وجه من الضلال وإن لم ينته إلى الكفر فيخشى عليه من خاتمة السوء لأن المعاصي بريد الكفر وقد تكلم الشيخ على جانب السعادة فكان دليلاً على مقابله للكفار والله ولي التوفيق بمنه وكرمه.

(أما بعد أعاننا الله وإياك على رعاية ودائعه وحفظ ما أودعنا من شرائعه فإنك سألتني أن أكتب لك جملة مختصرة من واجب أمور الديانات مما تنطق به الألسنة وتعتقده القلوب وتعمله الجوارح وما يتصل بالواجب من ذلك من السنن من مؤكدها ورغائبها وشيء من الأداب منها).

يعني أما بعد ما تقدم من حمد الله والثناء عليه وذكر ما من به على الإنسان من المبرة والإكرام؛ فإن السؤال ورد علي بكذا فهي إذا كلمة فصل تضمنت معنى الشرط وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعملها في خطبه ومكاتبته وجرى السلف في ذلك على سنته، وقيل: إنها فصل الخطاب الذي أوتيه داود عليه السلام قال النووي: والتحقيق إن فصل الخطاب: الذي أوتيه الفصل بين الحق والباطل في الحكم وفي الكشاف هي من فصل الخطاب، وفي الترمذي: ما يدل لأن أول من تكلم بها يعقوب عليه السلام لبنيه فقال: أما بعد فإن أهل بيت أهل بلاء الحديث، وقيل: أول من تكلم بها داود عليه السلام وقيل: قس بن ساعدة، وقيل: يعرب بن قحطان فالله أعلم بذلك، وأعاننا قوانا المتكلم ومعه غيره فهي نون الجمع ويحتمل نون المعظم نفسه أي من حيث ما احتوت عليه لا من حيث إجلالها والله أعلم.

والمخاطب بإياك قيل الشيخ الصالح أبو محفوظ محرز بفتح الراء وهو ابن خلف الصد في المشهور بتونس، وقيل: هو الشيخ الصالح الشهير الكبير أبو إسحاق إبراهيم ابن محمد السبائي وعلى الأول اقتصر أصحاب التقاييد وعلى الثاني اقتصر المؤرخون ويحتمل اتفاقية الجمع وإلا فالأول أرجح والرعاية: المراقبة والمحافظة، والإيداع: التوكيل بالحفظ والودائع: الأشياء الموكل يحفظها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015