الجملة وأما سماع الملاهي والغناء فممنوع أيضا إذا تضمن صرفا عن الحق أو صوتا من الباطل لقوله تعالى: {ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله} [لقمان: 6] الآية وقد اختلف في سماع المتصوفة إذا كان بشروطه الثلاثة التي هي سلامة الوقت من المعارض الشرعي كاجتماع من لا ترضى حاله ولا يحل الاجتماع معه من النساء والصبيان وجهال الطريق وكون المسموع مما يقع به تنبيه أو إرشاد وزيادة يقين أو علم أو اختبار حال أو استراحة من الجد والجهد وليس فيه ذكر شيء ينكر لا من طريق اللفظ ولا من طريق المعنى وكونه خليا عن الآلة والكلف والحق أنه لا نص فيه بمنع ولا غيره وحكى القشيري عن مالك إجازته وأخذه عياض من كراهة الأجرة عليه في المدونة وذكر ابن ليون في الإنالة أنا أبا مصعب سأل مالكا فقال لا أدري إلا أن أهل بلدنا لا ينكرون ذلك ولا يقعدون عنه.

وحكي أن صالح بن أحمد بن حنبل أخبر عن أبيه أنه كان يتسمع من رواء الحائط لجيران كان عندهم سماع وحكى بعضهم عن الشافعي إجازة الطار والشبابة وأنكره المزني وقال فيه:

حاشا الإمام الشافعي النبيه ... أن يتبع غير معاني نبيه

أو يتخذ طارا أو شبابة ... لناسك في دينه يقتديه

إلى آخر الأبيات وقد ذكر ذلك ابن الحاج في مدخله ومما وصف ابن البناء السرقسطي رحمه الله في سماع القوم قال ما نصه:

ولم يكن فيه مواسنون ... ولا طنابير ومسمعون

وليس كان أيضا فيه طار ... ولا مزاهر لها نقار

الشمع والفرش والتكالف ... أقسم ما كانت يمين حالف

وليس للقائل ما يقول ... في الصوت إذ سمعه الرسول

وقد اشار بقوله إذا سمعه الرسول لحديث أنجشة وعامر بن الأكوع وابن رواحة وارتجاز الصحابة يوم الخندق وغير ذلك مما لا يمكن إنكاره لصحته وحكى السهروردي في آداب المريدين أن السماع من رخص التصوف وقال الشيخ أبو إسحاق الشاطبي رحمه الله ليس من التصوف بالأصالة ولا بالعرض وإنما أدخل فيه من الفلسفة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015