(وجماع آداب الخير وأزمته تتفرع من أربعة أحاديث قول النبي صلى الله عليه وسلم " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت" وقوله عليه السلام: " من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه" وقوله للذي اختصر له في الوصية: " لا تغضب" وقوله: " المؤمن يحب لأخيه المؤمن ما يحب لنفسه").

هذه الأحاديث الأربعة عليها مدار التقوى والاستقامة في الدين فأما الأول فخرجه مسلم بزيادة: " ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه". وحاصله الحض على الصمت عما لا يعني وعدم السكوت فيما يعني وقد قال الشيخ الأستاذ القشيري والصمت سلامة وهو الأصل والسكوت في وقته صفة الرجال كما أن النطق في وقته أشرف الخلال قال: وسمعت أبا علي الدقاق يقول من سكت على الحق فهو شيطان أخرس انتهى.

قال علماؤنا: وإذا اتسوى الكلام والصمت في المنفعة فالصمت أولى وما ترجح منها فحكم الوقت له وقد قال مالك رحمه الله تعالى من عد كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما يعنيه.

وأما حديث " من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه" فرواه مالك في الموطأ مرسلا وصله الترمذي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه وقال حديث حسن وما لا يعنيه هو ما لا تدعو الضرورة والحاجة إليه وهو الفضول أيضا ويعم الأقوال والأفعال والعوارض القلبية.

وأما الحديث الثالث فخرجه البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلا قال: يا رسول الله أوصنين قال: " لا تغضب" فكرر مرارا: لا تغضب، وأما الحديث الرابع ففي المتفق عليه: " والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه المؤمن ما يحب لنفسه" وقد تقدم بعض الكلام عليه وهذه الأربع أحاديث قيل مار الدين عليها وقيل غيرها.

ويحكى أن أبا داود السجستاني صاحب السنن كتب إلى أهل مكة كتبت بأناملي هاتين من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعمائة ألف حديث الصحيح منها أربعة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015