بأن يعود معه إلى ما كان عليه قبل ذلك قال وهذا معنى قول مالك رضي الله عنه.

(والهجران الجائز هجران ذي البدعة أو متجاهر بالكبائر لا يصل إلى عقوبته ولا يقدر على موعظته أو لا يقبلها ولا غيبة في هذين في ذكر حالهما ولا فيما يشاور فيه لنكاح أو مخالطة ونحوه ولا في تجريح شاهد ونحوه).

أما هجران المبتدع فمن باب النصيحة لله ولرسوله ويتأكد الأمر فيه إذا كانت بدعته في الأصول أو في الفروع المهمة بالابتداع الصريح وما يقرب منه لا سيما إن كان داعية لمذهبه.

وقد يرى بعض العلماء الهجران فيما هو دون ذلك هجر أحمد بن حنبل ذا النون المصري لما تكلم في الخواطر قائلا أحدث في الدين علما لم يكن فيه وهجرانه المحاسبي لما ألف كتابا في الرد على أهل الأهواء قائلا هذا يسر لهم الحجة وكان له أسوة في سلف الأمة إذ لم يتكلموا في ذلك، ولم يزل هاجرا له سنتين حتى مات رحمه الله عليهما وقد مر الكلام في البدعة وحكمها في العقيدة.

والتحقيق أنها إحداث أمر في الدين يشبه أن يكون منه وليس به لقوله عليه السلام:" من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" ومفهومه أن الإحداث إذا كان في العوائد والأسباب المجردة عن أمر الدين لا يكون بدعة على هذا جرى المحققون وأن العوائد لا تدخلها البدع وإلا أد لتجريح الأمة كلها وهو مذهب لايصح.

وقد قال عليه السلام: " كل بدعة ضلالة" وهذا لا يقتضي أن يكون منها حسن أبدا وإنما هي محرمة أو مكروهة وقد حقق ذلك الشيخ أو إسحاق الشاطبي في كتابه في الحوادث والبدعة وأجاب عن تقسيم عز الدين إياها إلى أحكام الشريعة الخمسة فإنه اعتبر مطلق الإحداث وهو الجواب عن قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: نعمت البدعة هذه.

وقد أشعبنا الكلام في كتاب لنا في البدع احتوى على مائة فصل واختلف في مراد الشيخ هنا فقيل البدعة المحرمة وقيل المكروهة قلت ولا يختلف في الصريحة وهي التي تقابل ما ثبت شرعا فترفعه أو تغيره والله أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015