وأشار بالاستغفار لأبويه المؤمنين إلى أن الكافرين لا يستغفر لهما لقوله تعالى: {ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى} [التوبة: 113] الآية وقد روى عبد الوهاب أن رجلا قال يا رسول الله إن لي أبوين هلكا فهل بقي علي من برهما شيء قال: " نعم الصلاة عليهما والاستغفار لهما وانقاذ عهودهما وصلة رحمهما" زاد ابن العربي" وإكرام صديقهما" يعني: لقوله عليه السلام: " إن من أبر البر إكرام الرجل أهل ود أبيه" ومعنى الاستغفار الدعاء بالمغفرة ولا خلاف أن الدعاء يصل الميت كالصدقة واختلف في القراءة وقد قال بعض متأخري الشافعية تضافرت مرائي الصالحين على وصولها وأخذ انتفاع الميت بالذكر من حديث الجريدتين إذ قال عليه السلام: " لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا" قال ابن الحاج في المدخل ومن أراد وصول قراءته بلا خلاف فليجعل ذلك دعاء بأن يقول اللهم أوصل ثواب ما أقرؤه إلى فلان وكذا الشيخ الصالح الفقيه (ع) يصلي على أمه قال بعض شيوخنا وهذا يدل على أنه كان مجتهدا فيما يخصه لنفسه والكلام في المسألة طويل عريض فانظره.
(وموالاة المؤمنين) الألفة معهم وإعانتهم على ما فيه صلاح دينهم ودنياهم (والنصيحة لهم) الإرشاد والتحذير مما يضر أو يكاد وأصل النصيحة في اللغة: الخلوص والصفاء فمصافاة المؤمنين والخلوص لهم من واجبات الدين ولا يصح له ذلك إلا بأن يقيمهم مقام نفسه في كل ما يجب أن يعاملهم به بل يعاملهم بما يجب أن يعاملوه به أو أوفي وذلك لا ينشأ إلا بمباشرة الإيمان حقيقة قلبه فيكون معهم كالنفس الواحدة وسيأتي معنى الحديث بعد إن شاء الله.
وقوله: (كذا روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم) فيه تقصير في السياق لأن (روي) من صيغة التمريض والصواب الجزم فقال لأن الحديث متفق عليه وبالله التوفيق وأما صلة الرحم فواجبة إجماعا قال القرافي: في كل قرابة قريبة تنشر الحرمة بحيث لو كان أحدهما ذكر والأخرى أنثى حرم كل منهما على الآخر كالعم والخال والأخ وابن الأخ والأخت وابن الأخت وما سوى ذلك فهي مستحب وفي الحديث " من أراد أن يبسط له في