فاغسِلُوها، ثم كُلوا فيها]، فدلّ هذا الحديث على أن آنية الكفار التي يستعملونها لا يؤكل فيها، وقد عارض هذا الحديث حديثٌ ثانٍ، وهو أكل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من آنية الكفار، ففي حديث أحمد في مسنده أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إستضافه يهودي على خُبزٍ، وإهالةٍ سَنخةٍ فأكل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- منها.

وكذلك -أيضاً- ثبت في الصحيح عنه عليه الصلاة والسلام: أن إمرأةً يهودية دعته إلى شاةٍ، ووضعت السمَّ فيها، فأكل منها عليه الصلاة والسلام، فدل هذا على أن آنية الكفار يؤكل فيها، قالوا: أما الشرب، والوضوء ففي الصحيحين عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه لما لقي المرأة المشركة التي معها المَزادةُ توضّأ هو، وأصحابه منها. قالوا: فهذا يدل على أن أواني الكفار يؤكل فيها، ويشرب منها ما لم تُعْلم نجاستها.

ويمكن الجمع بين هذه الأحاديث بأن يقال: إن كانت آنيتهم على حالة يغلب على الظن طهارتها جاز إستعمالها، وإعمال الأصل، والظاهر الموجب للحكم بالسلامة، وهذا مثل حاله عليه الصلاة والسلام في وضوئه من مزادة المشركة، لأن المزادة لا يمكن بحال أن يوضع فيها ماء الشرب إلا إذا كانت طاهرة سالمة من الدنس، والنجاسة.

ومثله أكله من طعام اليهودي، واليهودية لأن الآنية لا يوضع فيها الطعام للضَّيف إلا بعد غسلها وتنظيفها، بل قد تجد الإنسان يحتاط للضَّيف أكثر مما يحتاط لنفسه، فظاهر حالها أنها طاهرة، ثم إن الشاة، والخبز، والطعام الذي جُعل فيها طاهر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015