قال بعض العلماء: في هذا دليل على أنَّه يُشرع إِستفتاح كتب العلم بحمد الله -جل وعلا-.

وأما دليل السُّنة: فإن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إستفتح خطبه بقوله: (الحمدُ لله) وثبت ذلك عنه -عليه الصلاة والسلام- في مواعظه المشهورة: كما في حديث عائشة رضي الله عنها في قصة بريرة رضي الله عنها حيث قالت: " فحَمِد الله، وأثنى عليه، ثم قال ".

فقولها: " فحمد الله " أي: استفتح كلامه، وخطابه للناس بحمد الله.

وأجمع العلماء -رحمهم الله- على مشروعية إِستفتاح الكتب، ونحوها بحمد الله -جل وعلا-.

والمناسبة في ذلك: أن الله -جل وعلا- هو المستحق للثّناء، وما كان العبد ليعلَم، أو يتعلّم لولا أنّ الله علّمه، وما كان ليفهم لولا أن الله فهّمه.

فاستفتح بحمد الله الذي شرّفه، وكرّمه بالعلم كما قال سبحانه وتعالى: {عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} (?).

وقالوا: كما أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إستفتح الخطبَ بالحمد، فإنه يشرع استفتاح الكتب به؛ لأن الخطبة، والكتاب كلّ منهما هدفه واحد؛ وهو الدعوة إلى الله، فكما أنّ الراد من خُطبِه -عليه الصلاة والسلام- توجيه الناس، ودلالتهم على الخير، فكذلك المراد من كتابة الكتب، وتأليف المؤلفات توجيه الناس، ودلالتهم على الخير، فلهذا كلّه شُرع استفتاح كتب العلم،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015