فقوله: [طهور كثيرٌ] أي: ماء طهور قلتان، فأكثر؛ لأن الكثير ما بلغ القلتين فأكثر، ومثال ذلك: لو كان هناك ماء يسير وقع فيه بول، وهو دون القلتين حكمنا بنجاسته بمجرد وقوع النجاسة فيه على المذهب، وكما تقدم في المسائل السابقة التي ذكرها رحمه الله، فإذا أردت تطهيره أضفت إلى هذا الماء طهوراً بلغ القلتين، فأكثر، فإذا أضفته، وزال التغيّر بعد الإضافة حكمنا بكونه صار طهوراً بالمكاثرة.
وعليه فإن مفهوم قوله: [كثير] أننا لو أضفنا ما دون القلتين إلى النجس لم يطهر، بل بقي على أصله وحُكِمَ بتأثر المضاف بملاقاته للنجس، لأنه يسير ورد على متنجس، فتنجس بمجرد ملاقاته.
وقوله رحمه الله: [غيرَ ترابٍ] أن التراب إذا وضع في ماء يسير وقعت فيه نجاسة، ولم تغيره، ثم استقر التراب في قاع الماء لم يحكم بطهورية الماء، وقوله: [ونحوه] أي المواد المؤثرة في النجاسة كالتراب، ويتفرع عليه ما يفعل في زماننا من إضافة المواد التي تقوم بمعالجة النجاسة الموجودة في المياه فإنها لا توجب الحكم بزوال النجاسة كالحال في التراب.
وقوله رحمه الله: [أو نزِحَ منه فبَقي بعدَه كثيرٌ غيرَ متغيّرٍ طَهُر] أي أن الماء إذا وقعت النجاسة فيه وكان كثيراً فغيّرته مثل ماء بئر فوق القلتين، فإذا نزحنا النجاسَة، والماءَ المتغير بها، ثم بقى بعد ذلك ماء كثير حكمنا بكونه
طهوراً، لأنه كالماء الجديد، فهناك شرطان:
الشرط الأول: أن يكون الباقي فوق القلتين، وهو ما أشار إليه بقوله: [فبَقِيَ بعدَه كَثيرٌ].