ودخولها في الإستحاضة عدلت عن الدم الطبيعي لها، وهو دم الجِبلّة أي: دم الحيض، فعدلت عن الأصل؛ لأن الأصل في الدم أن يجري معها على الصّحة أيام عادتها وينقطع بعد ذلك بطهرها، فجرى معها على سبيل المرض، ولم ينقطع بعد تمام عادتها.
وأما العاذر فقالوا: لأن المرأة تعذر بوجوده، وأما العاند: فلمكان استمراره مكان الدم؛ فكان كالممتنع، والصّعب على الإنسان وهي صفة الشيء العنيد. هذا بالنسبة لأسماء دم الإستحاضة.
وهناك فوارق بين الحيض، والإستحاضة من جهة المكان فدم الحيض يخرج من قَعْر الرّحمِ، وأما دم الإستحاضة: فيخرج من أعلى الرَّحم، هذا بالنسبة لمكان الدمين.
أما بالنسبة لأوصاف الدّمينِ؛ فإنّ دم الحيض أقوى لوناً من دم الإستحاضة، فإذا كان أسود كان دم الإستحاضة أحمر، وهكذا كما تقدم معنا عند بيان التمييز باللّون.
أما بالنسبة للفارق الثالث: فوجود الألم، فإن دم الحيض تكون فيه حرارة، وألم للمرأة بخلاف دم الإستحاضة، فإنه يكون أخفَّ ألماً، أو ينعدم فيه الألم.
وقد تقدم معنا بيان ضوابط التمييز التي هي: اللونُ، والرِّيحُ، والألمُ، والكثْرةُ، والقلّةُ، والغِلَظُ، والرِّقةُ، هذه بالنسبة للفوارق التي بين دم الحيض، والإستحاضة، والمصنف رحمه الله بعد أن بيّن لنا أقل الحيض، وأكثَره، وأقلَّ الطّهر، وأكثَره، وشرحنا خلاف العلماء -رحمة الله عليهم- في تلك