الوجه الثاني: لا حول في دفع ضُرٍّ، ولا قوة في بلوغ خير إلا بالله، فالله -جل وعلا- منه الحول، والطول، والقوة، ولذلك ثبت في الحديث الصحيح عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه لما سمع المؤذنَ يقولُ: حيَّ على الصلاةِ، حيّ على الفلاح قال: [لا حَوْلَ، ولا قُوةَ إِلا بالله] قال بعض العلماء: مناسبته أنه بَرِأَ من الحول، والقوة في إجابة داعي الله؛ إلا بعد توفيق الله -جل وعلا- ومعونته، فقد يكون الإنسان راغباً في حضور الصلاة، وأدائها، ولكن يُحالُ بينه، وبينها بسقمٍ، أو مرضٍ، وقد يحال بينه، وبينها بتأخرٍ، أو تقاعسٍ فلا حول للإنسان، ولا قوة في بلوغ الخير إلا بالله -جل وعلا-، وهكذا في دفع الشَّر، وهذه الكلمة كنز من كنوز الجنة كما ثبت في الحديث الصحيح عنه عليه الصلاة والسلام.
قوله رحمه الله: [وهو حَسْبُنا]: وهو: أي الله، الحسب: الكفاية، حسبي: كفايتي، حسبنا: جاء بصيغة الجمع التي تشمله، وتشمل السامع، والقارئ، والمؤمنين المتوكلين عليه سبحانه، وهو حسبنا أي: كافينا.
قوله رحمه الله: [ونِعْمَ الوكيلُ]: ثناء على الله -جل وعلا-، والوكيل: هو القائم على الشيء، المتوكل عنه، والله خالق كل شىء، وهو على كل شيء وكيل، فهو القائم على كل نفس، وهو المتوكل بكل نفس -سبحانه وتعالى-، وبكل شىء، فهو حسبنا في بلوغ هذا الأمر الذي رسمناه، والمنهج الذي ذكرناه.
قوله رحمه الله: [ونِعْمَ الوكيلُ]: أي نعم من يُتَوكّلُ عليه، أو يُوْكَل إليه الأمر.