قال رحمه الله: [والتحميد] التحميد على وزن (تَفْعِيل) من الحمد، أي قولك: (ربنا ولك الحمد)، أو (ربنا لك الحمد)، فكلاهما وارد ومأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم، فإن قلت: (ربنا ولك الحمد)، أو: (ربنا لك الحمد)، فقد فعلت ما أوجب الله عليك من التحميد.
والتحميد يتعلق بالمأموم، والتسميع يتعلق بالإمام والمنفرد فيجمعان بين التسميع والتحميد، أما المأموم فيقتصر على قوله: ربنا ولك الحمد.
أما دليل الوجوب فما ثبت في الصحيح عنه عليه الصلاة والسلام من قوله: (وإذا قال -أي الإمام- (سمع الله لمن حمده) فقولوا: (ربنا ولك الحمد))، فقوله: (فقولوا) أمر، والأمر يدل على الوجوب، وقد قاله عليه الصلاة والسلام في معرض التقسيم، وكونه يقوله في معرض التقسيم فقد خص الإمام بالشرط في قوله: (إذا قال)، فإذا كان التحميد واجباً كان موجبه واجباً، فأصبح التسميع والتحميد واجبين من واجبات الصلاة، فلابد من قول المكلف: (سمع الله لمن حمده.
ربنا ولك الحمد) إن كان إماماً أو منفرداً، أما إذا كان مأموماً اقتصر على قوله: (ربنا لك الحمد).
ومكان هذا التسميع والتحيمد مختص بما بعد الرفع من الركوع، فيقول: (سمع الله لمن حمده) في حال الرفع، فإذا استتم قائماً قال: (ربنا ولك الحمد)؛ لأنه هدي النبي صلى الله عليه وسلم، فلا يُشرع له أن يقول: (ربنا ولك الحمد) قبل أن يَستتم قائماً، وإنما يقول: (ربنا ولك الحمد) إذا انتصب عوده واستقام ظهره، وبناءً على ذلك فإن السنة أن يبتدئ بالتسميع عند ابتداءِ الرفع حتى إذا استتم قائماً قال كما قال صلى الله عليه وسلم في حديث أم المؤمنين عائشة قال: (ربنا ولك الحمد)، وقاله عليه الصلاة والسلام وهو قائم.
قال العلماء: في هذا فائدة لطيفة، وهي أن التسميع ذكر الانتقال من الركوع إلى القيام الذي هو الوقوف، فيُشرع له الذكر المقارن كالتكبير، ثم إذا استتم قائماً كان ذكر ما بينهما -أي: ما بين الرفع وبين سجوده- أن يقول: (ربنا ولك الحمد)، كما هو الحال فيما بين السجدتين، فتقول التكبير عند الانتقال من السجود إلى الجلوس، فإذا جلست قلت: (رب اغفر لي).
بين السجدتين، كذلك هنا يكون تسميعك عند الانتقال وقولك: (ربنا ولك الحمد)، عند استتمامك قائماً، كأنهم نظروا أن التحميد ذِكرٌ لما بين الركنين، والتسميع ذكر انتقال.