قال رحمه الله تعالى: [والاعتدال عنه].
الركن الخامس الاعتدال عن الركوع، والاعتدال: هو الذي لا اعوجاج فيه.
فلما كان المكلَّف في حال الركوع ينحني ظهره، فإنه يخرج عن هذا الركن إلى الركن الذي بعده بوجود الاعتدال، والاعتدال: هو أن يستتم قائماً.
ولذلك ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه: (كان إذا رفع رأسه من الركوع اعتدل حتى يرجع كل فقار إلى موضعه)، والمراد بقوله: (كل فقار) أي: فقرات الظهر؛ لأن ظهر الإنسان فيه فقرات، فإذا انحنى تباعد ما بين الفقرات، لكنه إذا اعتدل كأنها رجعت إلى حالتها الطبيعية، وهذا الحديث يدل على هديه في الاعتدال.
أما كون الاعتدال ركناً فدليله قوله صلى الله عليه وسلم: (ثم ارفع -أي: من الركوع- حتى تعتدل قائماً)، فإذا حصل الاعتدال قائماً أجزأه وتحقق الركن، لكنه لو رفع من الركوع وقبل أن يستتم قائماً انحنى ساجداً أو خرَّ ساجداً فإنه لا يُجزيه ولا يصح منه ذلك، وإذا لم يتداركه وجب عليه قضاء الركعة، فإن لم يقضها بطلت صلاته؛ لأنه لا بد من ركن الاعتدال، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (لا ينظر الله إلى صلاة رجل لا يقيم صلبه بين ركوعه وسجوده)، فلا بد من أن يستتم قائماً، فلو أنه قال: (سمع الله لمن حمده) ولم يستتم قائماً وبادر بالسجود فإنه حينئذ يُحكم بأنه لم يقم صلبه.
ويستثنى من هذا الذي لا يستطيع أن يستتم قائماً كالمريض، أو الشيخ الهرم إذا كان منحني الظهر، فإن ركوعه يكون بالقدر، ويكون رفعه من الركوع على القدر الذي يستطيع تحصيله في حال قيامه.