قال رحمه الله تعالى: [والتحريمة].
المراد بالتحريمة تكبيرة الإحرام، فالركن الأول: القيام مع القدرة، والركن الثاني: تكبيرة الإحرام.
فبعض العلماء يختصر ويقول: التحريمة.
ومراده تكبيرة الإحرام.
ووُصِفت بكونها تحريمه أو تكبيرة إحرام لأن المكلف إذا جاء بها دخل في حُرُمات الصلاة، ولا يمكن أن يُحكم بكونه مصلياً إلا بعد إتيانه بها.
والتكبير للدخول في الصلاة يُعتَبر ركناً من أركان الصلاة، والدليل على ركنيته قوله عليه الصلاة والسلام في حديث أبي هريرة في الصحيحين للمسيء صلاته: (إذا قمت إلى الصلاة فكبر)، فأمره بالتكبير.
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كبر تكبيرة الإحرام في أكثر من ستين حديثاً عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ولذلك بلغ مبلغ التواتر.
وأما إلزام المكلف بها بحيث لو لم يأت بها لم تصح صلاته فلقوله عليه الصلاة والسلام: (تحريمها التكبير وتحليلها التسليم)، فقوله في هذا الحديث: (تحريمها التكبير)، أي أن دخول المكلف في حرمات الصلاة يتوقف على شيءٍ وهو تكبيرة الإحرام.
فإن وُجِد هذا الشيء حكمت بكونه مصلياً وقد دخل في الحرمات، وإن لم يوجد حكمت بكونه غير مصلٍ، ولذلك قالوا: هي ركن من أركان الصلاة.
وتكبيرة الإحرام للعلماء -رحمهم الله- فيها ثلاثة أوجه: الوجه الأول: أن تكبيرة الإحرام لا تنعقد إلا بلفظ: (الله أكبر) بخصوصه، كما هو مسلك المالكية والحنابلة من حيث الجملة.
الوجه الثاني: يصح للمكلف أن يقول: (الله أكبر) وما اشتُق من هذا اللفظ، كأن تقول: (الله كبير)، وتنعقد تحريمته، وهو قول الشافعية.
الوجه الثالث: يصح للمكلف أن يدخل في الصلاة بكل لفظ دال على التعظيم، فإن قال: (الله العظيم) أو (الله الجليل) صح ذلك وأجزأه واعتبر داخلاً في حرمات الصلاة، وهو قول الحنفية.
والصحيح أنه لا بد من قول المكلف: (الله أكبر)، وأنه لو غيَّر في هذه الصيغة ولو بالذكر العام فإنها لا تنعقد تحريمته ولا يعتبر داخلاً في حرمات الصلاة.
فإن كان القيام ركناً فلا تصح تكبيرة الإحرام إلا بعد أن يستتم المكلف قائماً، وإن كان القيام موسعاً فيه كصلاة النافلة فيصح أن يكبر وهو جالسٌ تكبيرة الإحرام، ويصح أن يكبر أثناء قيامه، ويصح أن يكبر بعد أن يستتم قائماً.
وبناءً على هذا فإن من الأخطاء التي يفعلها بعض الناس في الصلاة المفروضة أن تُقَام الصلاة فيستعجل الشخص في القيام، فقبل أن يستتم قائماً يكون قد كبَّر.
فلا ينعقد تكبيره إلا بعد ثبوت القيام، لقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا قمت إلى الصلاة فكبر)، فجعل التكبير مرتباً على القيام، ولذلك لا بد من سبق القيام للتكبير، ولا يصح أن يُكبِّر قبل أن يستتم قائماً، فتلازم القيام والتكبير.