قال رحمه الله تعالى: [فإن قطعها بذكر أو سكوت غير مشروعين وطال، أو ترك منها تشديدة أو حرفاً أو ترتيباً لزم غير مأموم إعادتها].
قوله: [فإن قطعها بذكر أو سكوت غير مشروعين وطال].
أما الذكر فمثاله: لو أن إنساناً قرأ وقال: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة:2 - 3] فقطع بين الآية الثانية والآية الثالثة بذكرٍ غير مشروع في هذا الموضع، كما لو قال: (حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم)، فهذا ذكر، لكنه غير مشروع في هذا الموضع، لكن لو قطعها بسؤال رحمته أو استعاذة من عذابه فإنه مشروع؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ثبت عنه كما في حديث ابن مسعود أنه: (ما مر بآية رحمة في قيام الليل إلا سأل الله من فضله، ولا مرّ بآية عذابٍ إلا استعاذ بالله عز وجل)، فلو أنه قطع بينهما بذكرٍ مشروع لا يؤثر، وإن قطع بذكر غير مشروع أثر.
فلو قال الحسبلة بين الآية الثالثة والرابعة أو الرابعة والخامسة يبتدئ من جديد قراءة الفاتحة؛ لأن هذه الحسبلة ليست من كتاب الله عز وجل، ولا يشرع ذكرُها في هذا الموضع الذي ذكر، فكأنه تكلم بكلامٍ خارجي، وخرج عن كونه قارئاً، وقارئ الفاتحة لا بد أن يتمها، فإن فصل بين آياتها بالذكر الخارجي فإنه لم يتمها، فيلزمه أن يبتدئ قراءتها من أولها، وقال بعض العلماء: يبتدئ من حيث فصل، فيقرأ الآية الأخيرة التي وقع عند الفصل ثم يتم ما بعدها والأول أحوط.
وأما السكوت فهو السكوت الفاحش، وهو السكوت الطويل، كما لو قال: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة:2]، ثم سكت وطال سكوته، فإنه حينئذٍ يستأنف؛ لأنه لا يشرع السكوت هنا إذا كان متفاحشاً.
أما لو سكت للفصل بين الآيات فهذه سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقد كان يقرأ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة:2 - 4]، فكانت قراءته عليه الصلاة والسلام مفصّلة مرتلة صلوات الله وسلامه عليه.