قال رحمه الله تعالى: [ثم يبسمل سراً وليست من الفاتحة].
أي يقول: بسم الله الرحمن الرحيم، فـ (البسملة) اختصار لها، كالحوقلة والحسبلة اختصاراً لما ذُكِر من الأذكار.
والبسملة شرعت للفصل بين السور، ومذهب طائفة من العلماء وجوبها إلا فيما بين براءة والأنفال، فإنه لا يفصل بينهما بالبسملة، ولذلك قالوا: بسمل وجوباً عند كل السور عدا براءةٍ وذاك في الأشهر أي: على أقوى قول العلماء رحمةُ الله عليهم، فالأشهر يعني الأقوى والأرجح.
فالبسملة مشروعة لابتداء السور، فيقول: بسم الله الرحمن الرحيم.
وقوله: (سراً) على مذهب الجمهور.
والشافعية رحمة الله عليهم يقولون بالبسملة جهراً.
وكلا الفريقين يحتج بحديث أنس: (صليت وراء رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان كلهم كانوا يستفتحون القراءة: ببسم الله الرحمن الرحيم {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة:2])، والرواية الثانية: (كلهم يستفتحون القراءة: بـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة:2]).
وجمع العلماء بين الروايتين عن أنس بأن نفيه للبسملة مراده الجهر، وإثباته لها مراده السر، أي: أنهم كانوا يقرؤون (بسم الله الرحمن الرحيم) سراً لا جهراً.
فإن كان الإنسان قد ترجح عنده القول بعدم الوجوب فإنه يسر، وهذه هي السنة في حقه، وإن ترجح عنده القول بوجوب البسملة وقرأها جهراً فلا حرج، ولا ينكر على أحد بسمل جهراً، ولذلك اختار بعض العلماء: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل هذا تارة ويفعل هذا تارة، كما يفهم من كلام بعض المحققين، ولذلك لا ينكر على من جهر بـ (بسم الله الرحمن الرحيم)، وهو قولٌ أئمة من السلف، ومعتدٌ بقولهم وخلافهم؛ لأن له وجهاً من سُنةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم.