قال المصنف رحمه الله: [وإن اشتبه بطاهرٍ توضأ منهما وضوءً واحداً].
هذه مسألة أخرى: عندك سطلان، أحدهما فيه ماءٌ طهور، والثاني فيه ماءٌ طاهر.
فإن الماء الطهور هو وحده الذي يصح به الغسل والوضوء، أما الطاهر -كما تقدم معنا- فإنه لا يرفع حدثاً ولا يزيل خبثاً، فهل إذا كان أحدهما طهوراً، والثاني طاهراًَ، يأخذ نفس الحكم السابق؟!
صلى الله عليه وسلم لا.
فإن الطاهر لا ينجس البدن، فنقول له: توضأ من هذا غرفة، ومن هذا غرفة، فيأخذ الغرفة الأولى من أحدهما ويتمضمض، ثم يأخذ الغرفة الثانية من الآخر ويتمضمض، ثم يأخذ غرفةً من أحدهما ويغسل بها وجهه، ثم يأخذ غرفة من الآخر ويغسل بها وجهه، ثم يأخذ غرفةً أخرى لليد وبعدها للرأس وبعدها للرجلين.
ويكون على هذا قد تأكد أنه قد توضأ بماءٍ طهور؛ لأن الماء الموجود إما طهور وإما طاهر، فإذا توضأ منهما فقد جزم بكون الماء الطهور قد أصاب بدنه، وهكذا في الغسل يصب ويفرغ عليه من الإناءين.
ويشترط في ذلك تعميم العضو، فبكل غرفة يعمم العضو، إن كان الوجه استوعب الوجه بكل إناءٍ منه غرفة، وإن كانت اليد استوعب اليد وهكذا.
قال رحمه الله: [من هذا غرفة ومن هذا غرفة، وصلى صلاةً واحدة].
(وصلى صلاةً واحدة) لأنه يكون بعد انتهائه من الوضوء على هذه الصورة قد تطهر، ولا يجب عليه صلاتان، قال بعضهم: يتوضأ من هذا ويصلي، ثم يتوضأ من الثاني ويصلي، والصحيح: أنه يتوضأ من هذا غرفة ومن هذا غرفة حتى يتم الوضوء ثم يصلي صلاةً واحدة.