قال رحمه الله: [وإن أقر لوارث؛ فصار عند الموت أجنبياً لم يلزم إقراره؛ لأنه باطل] إن أقر لوارث فقال: فلان ابن عمي له عندي ألف ريال، ولم يكن حين أقر له عنده ولد، ثم شاء الله عز وجل بعد موته أن ولدت المرأة فأنجبت ذكراً، فابن العم عصبة يحجب بالابن؛ لأن مرتبة البنوة تحرم ابن العم، فعندما أقر له واعترف كان وارثاً وهذا يوجب بطلان الإقرار له إذا لم يجز الورثة -كما ذكرنا-، ثم كونه صار أجنبياً بعد ذلك لم يصادف محلاً، أي: أن بطلان الإقرار لا يعاد مرة ثانية، فيحكم بصحته بعد إلغائه؛ لأن الإبطال إلغاء، ولا يمكننا أن نعمل بعد الإلغاء، فإذا ألغي الإقرار وسقط لم يؤثر زوال المانع.
وفي الشريعة موانع إذا زالت رُجع إلى الأصل، مثلاً: الفاسق الذي لا تقبل شهادته، إذا صار عدلاً قُبلت شهادته، فالفسق مانع مؤقت، فما دام أنه موجود يمنع، لكن إذا زال رجع الحكم للأصل وقبلت الشهادة.
لكن هنا كونه أقر فسقط الإقرار في حال الابتداء لا يوجب أن نقول: الآن أصبح أجنبياً فنصحح الإقرار؛ لأن الإقرار بطل من أصله.
ومن أهل العلم طبعاً من فصل في هذه المسألة بتفصيل أدق؛ لأنه في حال الإقرار إذا أقر وقلنا: إن الإقرار موقوف على إجازة الورثة.
فهذا معناه أنه صحيح، وإذا كان صحيحاً في الأصل فإنه إذا زال الموجب للمنع رجع إلى الأصل من القبول بالإقرار.
قال رحمه الله: [وإن أقر لغير وارث أو أعطاه صح، وإن صار عند الموت وارثاً] وإن أقر لغير وارث صح الإقرار، وحينئذٍ إذا صح الإقرار ثبت الحق لصاحبه، مثلاً: أقر لابن العم وعنده ابن ذكر، فابن العم لا يرث مع وجود الفرع الذكر الوارث، ثم شاء الله عند الإرث أن توفي الابن قبل وفاة الأب؛ فرجع ابن العم وارثاً، وهو في الأصل غير وارث، قالوا: لأنه بمجرد إنشاء الإقرار ثبت الحق لصاحبه واعتد به، وزوال المانع بعد ثبوت الإقرار لا يؤثر.
وهذا صحيح.
قال رحمه الله: [وإن أقرت امرأة على نفسها بنكاح ولم يدعه اثنان قُبل].
أي: إن أقرت امرأة على نفسها بأنها زوجة لفلان، (ولم يدعه اثنان) أي: لم توجد خصومة أو منازع قبل إقرارها.