قال رحمه الله: [ومن أتى برجلٍ وامرأتين أو شاهدٍ ويمين فيما يوجب القود لم يثبت به قودٌ ولا مال].
بينا في الدرس الماضي: أن هذا مبني على أن ثبوت المال مفرع على ثبوت القود، فمثلاً: جاء بشاهد وأراد أن يحلف اليمين معه على أن فلاناً داس أباه بالسيارة عمداً عدواناً، فهذا قتل عمد لا تقبل فيه إلا شهادة رجلين عدلين، ففي هذه الحالة إذا لم يثبت القصاص لا تثبت الدية، فلا يقول قائل: نسقط الدية؛ لأن القتل قتل عمد يجب القصاص، فالشريعة تنظر إلى الدعوى، بحيث لو أن الدعوى جاءت على هذا الوجه فحينئذٍ لا نقبل إلا شهادة رجلين عدلين بالصفة المعتبرة بالشهادة، فإذا لم يقمهما لم نحكم له صحيح أن هناك مالاً، لكن هذا المال وهو الدية مفرع أو مبني على ثبوت القود؛ لأن أولياء المقتول يخيرون كما قال عليه الصلاة والسلام: (من قتل له قتيل فهو بخير النظرين إما أن يقاد وإما أن يودى)، فجعل الدية بدل القود، فإذا لم يثبت القود لا تثبت الدية، وهذا معناه: أن يأتي المال مشتركاً مع غيره لا على سبيل البدلية، فلا تقبل فيه شهادة النساء ولا يقبل فيها شهادة ويمين؛ لأنه لم يتمحض فيها قصد المال، وإنما جاءه مبني على ثبوت ما يشترط فيه شهادة الرجال وحدهم، فلا يقبل فيه الشاهد مع اليمين، ولا يُقبل فيه شهادة النسوة منفردات أو مجتمعات مع الرجال.