قال رحمه الله: [ولا يحل كتمانها] ولا يحل كتمانها؛ لقوله تعالى: {وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ} [البقرة:283]، وكتمانها يكون على صورتين: أن يعلم أن لفلان على فلان حقاً، وغالباً ما يكون هذا إذا كان الشخص صاحب الحق لم يعلم أنه شاهد، أو أن الذي رأى القضية أو الحادثة مع كون صاحب الحق عنده شاهداً أو شهوداً ثم توفي الشهود، أو امتنعوا من الشهادة، أو جنوا، أو تعلق بهم مانع يمنع من قبول شهادتهم؛ كأن يحصل لهم أمر يوجب ردَّ شهادتهم، ولا يعلم صاحب القضية أن فلاناً شاهد، فحينئذٍ يجب على هذا الذي يعلم أن يأتي للشخص الذي له الحق ويقول له: يا فلان! أنا أعلم بهذه القضية، وعندي لك شهادة، إن أردتني أن أشهد فسأشهد، فإنه يثاب على فعله هذا، وهذا من أعظم ما يكون؛ لأن فيه إحقاق الحق، وهذا الذي يؤدي شهادته قبل أن يُسألها قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: (ألا أنبئكم بخير الشهود؟ هو الذي يؤدي شهادته قبل أن يستشهد)، وهذا من باب الندب والحرص على الخير.