قال رحمه الله: [ومن ادعى على غير برزة لم تحضر وأمرت بالتوكيل].
(غير برزة)، أي: لا تخرج دائماً، بل هي امرأة محتشمة؛ لأن من النساء من هي (برزة) مثل المرأة التي عندها أيتام، فتخرج وتسعى لرزقها، وكان بعض النساء يتولين البيع لظروف خاصة قاهرة، وهذا النوع من النساء يقال له: البرزة، وسميت بذلك لأنها تكثر البروز والخروج؛ لأنه على مر تاريخ المسلمين ما عرف النساء إلا القرار في البيوت، تقول أم عطية: أمرنا أن نخرج العواتق وذات الخدور والحيّض.
فما يعرفن الخروج إلا لصلاة العيد، وهذا هو الأصل؛ لأن المرأة خيرٌ لها أن لا ترى الرجال ولا يراها الرجال.
ويؤثر عن عمر بن الخطاب أنه نصب الشفاء في السوق، وقد فهم بعض الجاهلين أن هذا يدل على أن المرأة كالرجل، وهذا خطأ واضح، وجهل بيّن بالحقائق؛ لأن قصة الشفاء فيها ضعف، وقد تكلم عليها العلماء، لكن على فرض ثبوتها يكون ولاها أمر سوق النساء، وهذا يفيد أن النساء لا يلي أمرهن إلا النساء.
أما من ظن أنه ولاها على الرجال فهذا يأباه الله ويأباه صالح المؤمنين، ولا يظن ذلك الظن إلا ذوو الأفهام المعكوسة المنكوسة التي لا تحسن النظر، وقد نبه على هذا العلماء رحمهم الله.
إذاً: البرزة هي التي تخرج للبيع والشراء، أو بعض كبيرات السن اللاتي لهن العذر فنحو هؤلاء النسوة يخرجن، فلو ادعي على مثلها دُعيت إلى مجلس القضاء؛ لأنها اعتادت الخروج، أما لو كانت محتشمة أو كانت غير برزة فلا يلزمها الحضور في مجلس القضاء، ولها أن توكل فتبعث وكيلها.
قال رحمه الله: [وإذا لزمها يمين أرسل من يحلفها، وكذا المريض].
أي: وإذا لزمتها اليمين بعث إليها شخصاً يسمع منها اليمين، وكذلك المريض الذي لا يمكنه حضور مجلس القضاء.