قال رحمه الله: [ويحرم قبوله رشوةً، وكذا هدية] ويحرم عليه أن يقبل الرشوة، وفيها اللعن -والعياذ بالله- الراشي والمرتشي، والرائش -وهو الذي يمشي بينهما- والعياذ بالله، فلا يجوز للقاضي أن يقبل الرشوة، وهي السحت الذي حرم الله ورسوله، قال تعالى: {وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ} [البقرة:188]، هذه الرشوة ثم انظر وتأمل قوله تعالى: (تُدْلُوا بِهَا) ذكر بعض المفسرين أن القاضي إذا قبل الرشوة نزل من المنزلة العالية السامية إلى الحضيض، ولذلك قال سبحانه: (تُدْلُوا) كالدلو ينزل إلى القاع، فإنزال الرشوة وإدلاؤها إلى القاع، (القاضي) الذي صار في الحضيض بعد أن كان في مقام يشرفه الله عز وجل به ويكرمه ويعزه فيأبى إلا أن يهين نفسه ويذلها.
(وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ)، وهذا من أسرار اللغة الجميلة، ولذلك لا يمكن أن يترجم القرآن إلى أية لغة؛ لأنه لا تستطيع أن تجد فيها هذه المعاني الجميلة المتجددة.
[إلا ممن كان يهاديه قبل ولايته إذا لم تكن له حكومة].
إلا أن يكون هذا الشخص يهاديه من قبل، كصديقة أو رفيقه أو ابن عمه أو قريبه، وكان بينهما مودة، فإذا هاداه بعد الولاية كان كحاله قبل الولاية؛ لكن إذا كان له عند القاضي قضية فلا يجوز للقاضي أن يقبل منه.