قال رحمه الله: [ينبغي أن يكون قوياً من غير عنف].
فلا تأخذه في الله لومة لائم؛ لأنه إذا كان ضعيفاً لا يستطيع أن يأمر بما أمر الله به، ولا أن ينهى عما نهى الله عنه، فلابد وأن يكون قوياً من غير عنف، فالقوة إذا جاوز وأفرط فيها فإنها تصبح عنفاً، فينبغي أن تكون القوة بحدود، وهي القوة لإحقاق الحق وإبطال الباطل من غير عنف.
وإذا كان قوياً من غير عنف فإنه حينئذٍ يهابه الباغي والظالم، ويطمع في عدله المظلوم؛ لأن المظلوم لما يرى القاضي ضعيفاً يكون كالمستجير من الرمضاء بالنار، فيفضل السكوت؛ لأنه كيف يشتكي إلى إنسان ضعيف؟ حينما فلابد أن يكون القاضي قوياً حتى يطمع الناس في الوصول إلى حقوقهم عن طريقه، وإذا كان القاضي بهذه الصفة رغب الناس في حكم الله عز وجل والعدل الذي يبينه، فإذا أفرط في القوة نفر الناس وظلم الناس وأجحف بالناس، وقد كان صلى الله عليه وسلم قوياً من دون عنف، وهو أن يضع الشدة في موضعها.