قال رحمه الله: [وتفيد ولاية الحكم العامة الفصل بين الخصوم].
إذا كان القضاء في ولايات عامة وخاصة، يكون عاماً في الولاية عاماً في المكان، كأن يقول له: أنت قاضٍ على دولتي كلها، أي: جميع ما يتعلق بالقضاء راجع إليك، فهذه ولاية عامة في عموم العمل وهذه يطلقون عليها: (عموم النظر في عموم العمل) فجميع ما يتعلق بالقضاء يرجع فيه إلى هذا المولى.
ويكون أيضاً: عموم في خصوص (عموم النظر في خصوص العمل) كأن يقول له: وليتك القضاء في الأنكحة وفي الرهون وفي البيوعات وفي الحدود وفي القصاص، وفي الوصايا وفي الأيتام ونحو ذلك عامة، في مدينة كذا أو كذا؛ فهذا يسمى (عموم النظر في خصوص العمل).
أو يوليه (خصوص النظر في خصوص العمل) كأن يكون هناك قضاة في الوكالات يتولون كتابة صكوك الوكالات، وهناك قضاة يتولون الحدود، وآخرون يتولون الجنايات، يقول -مثلاً-: أنت وليتك قضايا القتل في مكة، أو في المدينة (خصوص النظر في خصوص العمل).
إذاً: ولاية القاضي تكون خاصة وتكون عامة، وهذه من التشريعات الإسلامية، والدليل على هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: (واغد -يا أنيس - إلى امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها) فاعترفت فرجمها، فولاه عليه الصلاة والسلام خصوص النظر في قضية خاصة معينة، وجعله قاضياً إن اعترفت، والاعتراف لا يصح إلا في مجلس القاضي وفي مجلس الحكم، (فارجمها) والرجم لا يكون إلا بحكم القاضي، فجعله قاضياً في قضية مخصوصة، وهذا من خصوص الولاية.
قوله: (وتفيد ولاية الحكم العامة الفصل بين الخصوم، وأخذ الحق لبعضهم من بعض).
كلما اختصم خصمان يفصل بينهما؛ لأنه مسئول عن هذا، سواء كانت الخصومات في الأموال أو كانت في الأنكحة، أو كانت في الحقوق العامة، أو كانت في الحدود ونحو ذلك، كل هذه يتولاها للعموم.
قال رحمه الله: [والنظر في أموال غير المرشدين].
كل قاضٍ ينبغي عليه أن ينظر من ولاهم على الأيتام وعلى القاصرين، وهم (النظار) فيستدعيهم ويسألهم ويعرف كيف يصرفون، وكيف يقومون، حتى يعلم صدق الصادق وكذب الكاذب، وخيانة الخائن، وأمانة الأمين، ويعرف هل هو فعلاً قائم بهذه الولاية.
فكل من ولي قضاء أول ما يأتي ينبغي أن يستدعي هؤلاء ويسألهم، وقد نبه على هذا الأئمة رحمهم الله في كتبهم: كأدب القاضي للإمام الماوردي، وابن أبي الدم من فقهاء الشافعية، وكذلك نبه عليه ابن فرحون في التبصرة، وغيرهم من الأئمة والفقهاء، وشيخ الإسلام أشار إلى هذا فهذه من مسئولياته وأمانته أن ينظر في أموال القصار -إذا كانت الولاية عامة- ويولي أوصياء عليهم، وكذلك يتفقد القائمين على أموال السفهاء ومن يتولى عليهم النظار، هل هم قائمون أم مقصرون؟! قال رحمه الله: [والحجر على من يستوجبه لسفه أو فلس].
يوليه هذه الولاية وتكون ولاية عامة، ولاية الحجر على السفيه.
قال رحمه الله: [والنظر في وقوف عمله ليعمل بشرطها وتنفيذ الوصايا].
إذا كان في مدينة يستدعي النظار على الأوقاف، ويسألهم عن أوقافهم، وهذه الأوقاف ماذا اشترط الأموات فيها؟ وماذا اشترطوا في هذه الأوقاف؟ وهذه مسئولية عظيمة ولا يمكن أن تستقيم الأمور إلا بها، وكيف نفذوا هل نفذوا شروط الوقف أم لم ينفذوا؟ هل هم متلاعبون؟ هل هم مقصرون؟ هل هم محتاجون إلى مساعدة أو معونة؟ حتى يستجلي جميع هذه الأمور، فكلها في رقبته، وهو مسئول عنها أمام الله سبحانه وتعالى، ولذلك ينبغي عليه القيام بها كاملة.
قال رحمه الله: [وتنفيذ الوصايا].
وكذلك هي.
قال رحمه الله: [وتزويج من لا ولي لها].
لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له).
قال رحمه الله: [وإقامة الحدود وإمامة الجمعة والعيد، والنظر في مصالح عمله بكف الأذى عن الطرقات وأفنيتها ونحوه].
بالنسبة للجمعة ينصب شخصاً فهذا المسجد تصلى فيه الجمعة، والمنطقة التي هو فيها يقول: لا يصلون إلا في مسجد واحد؛ لأن الأصل أن الجمعة لا تعدد، فله النظر في مساجد الجمعات، وكذلك تنفيذ الحدود.
قال رحمه الله: [ويولى عموم النظر في عموم العمل].
كما ذكرنا، قلنا: أنت المسئول عن القضاء في البلد كله، أو في الدولة كلها.
قال رحمه الله: [ويولى خاصاً فيهما أو في أحدهما].
كما ذكرنا.