قال رحمه الله: [الخامس: نذر التبرر مطلقاً أو معلقاً، كفعل الصلاة والصيام والحج ونحوه] كأن يقول: لله عليّ أن أصوم، لله عليّ أن أصلي، لله علي أن أعتمر، هذا نذر التبرر: وهو طلب البر والطاعة، فهذا مندوب، والرغيبة فيه والأجر فيه والمثوبة فيه، ولذلك يستحب الوفاء به والقيام به ويستحب أن لا يحنث فيه، ومن هنا هذا النوع من النذر مما يستحب فيه الوفاء ويكره فيه الحنث.
وكذلك لو قال: لله عليّ أن أصوم الإثنين والخميس.
وقال: ما رأيكم؟ نقول له: يا أخي! هذا النوع من النذر نذر بر وطاعة وخير فلا تحرم نفسك الأجر، وقد حملت نفسك على هذا الخير بحامل وبإلزام فابق على هذا الإلزام؛ لأنه أعظم لأجرك وأتقى لربك، فهذا النذر يعتبر الوفاء به مندوباً، وقيل: إنه هو الذي ورد الثناء عليه في قوله: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ} [الإنسان:7] وليس النذر المعلق على المكروهات.
قال رحمه الله: [كقوله: إن شفى الله مريضي أو سلّم مالي الغائب فلله عليّ كذا فوجد الشرط لزمه الوفاء به] قوله: (إن شفى الله مريضي).
هذا النذر فيه وجه من الكراهة، وكذلك إن قال: إن سلمت بضاعتي؛ لأنه قد يعتقد أن البضاعة ما سلمت إلا بهذا النذر، وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم: (إن النذر لا يأتي بخير، وإنما يستخرج به من البخيل) بمعنى: أن النذر ليس هو الذي يؤثر في قضاء الله وقدره.
فبعض الناس يظن أنه ما دامت تجارته في خطر إذاً ينذر، كأنه بهذا الفعل يجامل ربه، هذا معنى قوله: (لا يأتي بخير) إذاً: يجب أن لا يعتقد الإنسان بنذره كأنه يحمل -حاشا لله- الله عز وجل أن يسلم له بضاعته أو يشفي مريضه، فإن الله سبحانه وتعالى لا تنفعه طاعة الطائعين، ولا تضره معصية العاصين، والله الغني ونحن الفقراء، فهذا الاعتقاد قد يحصل من بعض ضعاف النفوس، وهذا وجه كراهة النذر، وهو كون المرء يظن أنه بهذا النذر حصل له المطلوب، واندفع عنه المرهوب الذي لا يحبه ولا يريده، وهذا هو المعنى المذموم شرعاً.